فلتسمع كلَ الدنيا
فلتسمع
سنجوع ونعرى
قطعا نتقطًع
ونسفً ترابك
يا أرضا تتوجَع
لن نسقط من أيدينا
علم الأحرار المشرع
(توفيق زياد فلتسمع الدنيا )
شاء الشاعر أن يقحم في النصَ وعنوانه نصًا آخر أورده على سبيل توجيه رسالة إلى من يهمَه الأمر وخطاب مرسل إلى أموات الداخل وأموات الخارج على السوَاء والجامع بينهم الافتقار إمًا إلى الأرض أرض الأجداد والى الجذور وإمًا إلى حق المواطنة والانتماء وكلامها يعاني من نقص ويشكو منه ولبَى النداء الأخير ولم يسدَ هذا النقص أو يمحو ذاك الافتقار فقد عاش مرتجَ الكيان ومات وقد شاخ النور في عينيه
وبعدما أنشأ الشاعر العنوان على علاقة متوتًرة بين الأقزام والعمالقة لتتمحًض أداة الربط الواو للدلالة على علاقة التصادم بين متنابذين الأقزام والعمالقة أفضت إلى نهاية صادمة غير متوقعة كانت الغلبة فيها بل السطوة للأضعف و الأقلً شأنا ليعلو القميء على رمز الضخامة والطول السامق ويطيح به و تتكثًف أجواء التوتًر بتلك الرسالة المتوسطة العنوان والنصً وهي ترشح بمعاني ضيق الذات الشاعرة بواقع مضن وبتشكًل جدار اللاتفاهم العصيً عن التحطيم ومن المرجح ألا ينعقد ما انقطع من أسباب التواصل بين أنا وهم أموات الداخل وأموات الخارج وحتَى بينه وبين من هم على قيد الحياة ولسانه حاله يقول في شأنهم ''ربً عيش أخف منه الحمام''
وتبرز الضمائر بتجلياتها المتنوعة منبها أسلوبيَا مهمَا يفرض هيمنة في إنتاج الدلالة
وساهمت ضمائر الغياب في إظهار حالة البعد المادي للأموات من ناحيَة ولإبراز التناقض الوجداني بين الذات الشاعرة وهم واختلاف الرؤى والمواقف من الوجود ومن الحياة
فما امتزج الصوت المهيمن على النصً من ''كره العيش بين الأموات'' مع هم وكان منفصلا متوازيا مع من انقلب إلى عنوان للجمود والسكون
فكيف تولد عشرة من معدن الوحشة ؟
وان لهذه الوحشة ولهذا الإحجام عن محاورة هم أسبابها وعللها فكان لزاما أن تنفصل الذات الشاعرة عمَن سكنت حركته سكونها الأبدي بموت حقيقي وموت مجازي وما كان الدفن والتغييب تحت الثرى إلا وجها آخر من وجوه الغياب المجازي ومن أمارته الفتور والتراخي فانتفت الحركة وكان الاستقرار في المكان والاطمئنان إلى دنيا ميتة فلم نظفر بينهم بمن اختلف عن سائر قومه بحيرة باطنيَة أو بقلق وجودي أو بنفث روح جديدة متوثًبة
ونستشفَ هذه الفرقة بين هم و من ضاق بجمودهم من استفهام الإنكار والتبرًم
أينَهمْ من ألقابٍ
تُستلُّ من صُحفٍ مندثرةٍ ؟
يخصفونَ حروفاً ميْتةً
قُفةً
ما فيها غيرُ زَبَد . . .
حكايا
بل انَه اشمأزَ كل الاشمئزاز ممن ما انتقض سكونه لا بدءا ولا منتهى ومن تجلًيات اشمئزازه أن قال
جففوها قديدَ سَمَكٍ
تغصُّ به أرغفةُ الكفاف . . .
مُقرفٌ هذا إلى حدِّ البصق !
ومن بين الجماعة الراكدة التي تمضغ صمتها وتجتر َنهارها وقد هفتت حركتها ورضيت بالعتيق المسوَس انبثق فرد //هو// علَه يكون منشقا عنها ومفارقا لخطَ التسليم والرضي بما هو كائن
قد يكون الأوحد وقد بعث من مدفنه ومن أكفان التاريخ وعسى أن يكون رافع لواء الجسارة على خوض غمار العصر
ولكن هيهات ما رفع لواء الانتفاض وما تمرَد على دنيا الأموات بل كان حريصا على كبت مشاعره ولجم اندفاعاته ليستحيل ذاتا مأزومة سرعان ما تسقط بدائرة السكون فشلًت قواه بعد طول لجم وحبس وردً مفعولا به وما كان ساعيا مريدا واعيا لمقصده ويعود محمولا يسعى به غيره كأنه بلا إرادة وبلا شعور ويفتر إيقاع الكلام ويتراخى كحاله إذ ليس من ذوي الأسفار هذا الذي سرعان ما اتصل بدائرة أهل الجمود ما إن انفصل انفصالا لغويًا لا حقيقيا ليمضغ الانحناء
وينام على جنب
كان سريره المتنقل
والمنبثق فردا ما كان متفرَدا فلا مسح سطح الأرض ولا سبر أغوارها وما كان جوًاب آفاق وهكذا تعذَر عليه فتح سبيل إلى كيانه الإنساني ولم يدخل إلا مدن المتع الحسيَة الظرفيَة وهي لا تنفث روحا جديدة متوثبة لذا انتهى به الأمر أن الصق اسمه على رأس شارع مريض وانَه لتحول ً انطلوجي .
كان اسما فاستحال رسما وكان فكرة فأضحى عبرة
وعلى ضوء ما سبق فمقاطع القصيدة الأربعة الأولى مقطع //هم // ومقطع //هو// بدءا ومنتهى تراكبت وتداعت دون أن نظفر برمز من أجل التبديل ونفث روح المغامرة لتجديد الوجود
ومن البديهي أن ترفع لافتات تحذير ترفعها الذات الشاعرة في مقاطع القصيدة اللاحقة ومن المتوقع أن يتبدَل نسق الخطاب ليوصف الدواء بعد أن شخًص الداء فإذا الصلاح في مزيد التحرَك و بالسعي الحثيث ينتفي التعطيل ويكون التبشير بثورة القبور وتشرع نافذة على أللآتي ''فربَما كان الصغير كبير''ا
الاقزام يشنقون العمالقة
(الى من مات في غربته يبحث عن قبر ومن مات في وطنه ملفوفا بكفن الغربة )
تحتها
دفنُهم بكفنٍ
بغيرهِ
بعزفِ ألحانِ التّوديعِ
ماهرون . . .
. . . . .
ليسَ لأحدِهمْ إلاّ أنْ يكونَ ناياً
يجمعُ أحزانَ الخريفِ رثاءً
يذوبُ بأقداحِ شايٍ ساخن . . .
خُطباً معقودةَ اللّسانِ
هزّةَ رأسٍ
سِنَةً من نُعاس
انطفاء . . .
. . . . .
أينَهمْ من ألقابٍ
تُستلُّ من صُحفٍ مندثرةٍ ؟
يخصفونَ حروفاً ميْتةً
قُفةً
ما فيها غيرُ زَبَد . . .
حكايا
جففوها قديدَ سَمَكٍ
تغصُّ به أرغفةُ الكفاف . . .
مُقرفٌ هذا الى حدِّ البصق !
. . . . .
كانَ بينَهم
يُخبّئُ آلامَهُ في تضاريسِ وجهٍ
يُرممهُ بابتسامةٍ كذب . . .
هو وداؤُهُ
على كراهةٍ يستبقان
مَغلوبٌ
يكسرُ سيفَ الغالب . . .
إنَّهُ يعصرُ آخرَ أيامهِ عِشقاً
جرعةَ دواءٍ بائسٍ
رُبَما
هي الأخيرة في قاعِ حياته ِ . . .
يمضغُ الانحناء
وينامُ على جنْبٍ
كان سريرُهُ المتنقل !
. . . . .
كؤوسٌ سكرى بلذةِ الامتلاء
قِصاعٌ
تضيقُ بثريدٍ لم يعرفْهُ جوعٌ في بيتِ طين!
شِواءٌ
يُسطّحُ أعماقَ شهوةٍ شرهة
كُلُّ ما كانَ بعيداً عن طبقِه
تُحضرُهُ طرفة ُ عين . . .
أزرارٌ
تكادُ تغادرُ بيوتَها بلا استحياء
الفاتحةُ بحروفٍ مُنخنقة !
. . . . .
ازدردَ اليومُ غدَه
لا إسمَ لهذا الجديد
على براعتِهم في تسميةِ الأشياء !
أُلصقَ اسمُهُ على رأسِ شارعٍ مريض
بخطٍ كوفيٍ أنيق
ليس بينَهُ وقميصٍ
هَجَرَ المكواةَ منذُ زمنٍ صلةُ موصول . ..
. . . . .
نمْ قريراً
فقد أُعطيتَ خيراً كثيراً . . .
ألآ تسمعُ أبواقَ السّياراتِ في شارعِك ؟
في قاعتِكَ
تصدحُ حناجرُ الشّعراء
مدرستُكَ
تعلو بانحدار !
. . . . .
ما الذي تقولُهُ عيونُ الحافّين به ؟
علاماتُ تعجُبٍ
تُصابُ بخدرٍ
أسئلةٌ
تُبترُ بسكينٍ حادّة . . .
آينَ نصفُ هذا الهرْج ؟
وكانَ رذاذٌ منهُ
يكفي
لسقي يباسِ سنينَ عِجاف
أغرقَها السّراب !
. . . . .
لم هذا المُجون ؟
هذا العُهرُ الذي يُمارسُ بصلفِ البغايا ؟
أبوابٌ
تَنكحُها الرّيحُ ليلَ نهار
أوراقُ الزّينةِ
تُخفي كُلَّ شيء
ولو كانَ قمامة . . .
. . . . .
امسكوا هذه الجملَ السّائبة
بئستْ مناجلُ يَعقرُها نومٌ عندَ الحصاد . . .
ثناءٌ داكنٌ من شجرةٍ عقيم
تساقطُ صوراً مقلوبة . . .
امسكوا
هناكَ مَنْ يُؤذيه هذا اللاّشئ !
. . . . .
دعوا القبرَ الصغيرَ وساكنَه
بقعةً بلونِ الوطن
لا يهمُهُ إنْ أمطرتْهُ السّماءُ ذهباً . . .
دعوه
يتنفّسُ ديموقراطيةَ القبور . . .
اشنقوا بحبالِكم الملوّنة
ما طابتْ لكمْ ريحٌ
رستْ بكمْ سَفَن
رُبَما كانَ الصّغيرُ كبيراً !
لكنْ
حذارِ ثورةَ القبور !!
. . . . .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق