انا جلجامش يصحبني قلبي المتأنسن
نبحرُ لغاباتِ الأرز اللبنانية
لقتلِ الوحش خمبابا
ولقاءِ العذراء الجميلة ...
في رحلةِ طريق الانسان وطريق العودة
من اجل ان يكون الدربُ طويلاً
من اجلِ عيونِ المدينة
كي لا تفقأ برخصٍ
من أجل الحوريات
الناعسات
في حافةِ الدرب
من اجل مجنونة شايو
سفري في الليلة البارحة
رحلتي قبل الخليقةِ
لابد ان تكون ليستْ قصيرة
ان يستمر السفر
مادام عمري أخضراً
مادمتُ أحيا بالمغامراتِ والتجارب
ما زلتُ ارحلُ الى هنا
هنا ...
بالقربِ كانتْ صخورٌ
فهنا مرقدي .. هنا مرقدي الجليل
هنا تبكي حروفي على بعضها
وتشتاقُ شفاهي لشفاهكِ
سيدتي
هنا أنادي الألم
يا أيها الألم ... يا أيها الألم
تباً لحضرتِكِ السادية
شلتْ يداكَ من مُحفّزٍ خائن
أقولُها بِإستثناءٍ
إلاّ اوجاعي فيكِ
فهي معنى لحريتي ..
فلا عشقُ من دونِ لذة الألم
معكِ
وهكذا جوعي إليكِ
ارغبُ ان تنثري شعرَكِ حولي
ان تمزقيني .. تقسميني
ترميني
الى العالمينَ قرباناً
ولو لوهلةٍ اخيرة
فانا صاعدٌ نحو روحي
تاركٌ حربَ العصابات التي لم تنته بعد
لا زالتْ تذكرني بالحرب الأهلية
- مَنْ يا ترى انتصرَ ؟!
- لم أعد أتذكر ذلك
لكن
بهذا العدد الهائل من القتلى والمذبوحين
في بلادِ الأغنام الخائبة
لا أشكُ ان الأغنام لا تنتصر
آهٌ يا قلقي .. آه
لما تبحثُ
فهي ذهبتْ في سماءِ الممر القصير
فإصحُ
يا أيهذا العاشق الجميل
ايُّ موقفٍ يعلل لها الان
ايُّ ماءٍ يطهرُ خطيئتها
ايُّ معرفةٍ تدفعُ لحد الحكمِ الأخير
وها هي الوردةُ تذبلُ
وخطيئة الشيطان كانتْ افضل
فلا تنوحي
لا تبللي مناديل عيونكِ
لا تنوحي يا أشجار الغابات
لا تحزني لدربي المحفوف
انا في محنةِ التقادم
مذ وطأتْ قدمايّ أرضاً
مذ كنتُ قتيلاً بين الضباب
اتخذتُ قرارَ موتي الجليل
فلم أعد انا منْ يستفيق للمرةِ الثانية
وهيهات من درب الرحيل
كَمَنْ يعقدُ لسانهُ عن قولها
يا مستفيق .. يا مستفيق
مزقْ .. اليكَ حرائري
لا تندثرْ
قُلْ ايّ شيءٍ
عن محنةِ البقاء
عن متلازمةِ الرحيل
شيءٌ عن لا شيء
الا طريق البكاء
لا تتفلسفْ بكوتِهِ
فانا اعبرُ نهراً من هواء
أرسمُ لوحاتي بالطرقاتِ المهجورة
ألونُ مدمنيّ الكوكائين
اصبغُ وجوههم
بدخانِ بقايا البرشام
لا اجابة لأيّ سؤال
بحرٌ يتلاطم بداخلي
ولا عصا تفرقُ شفتيه
تحتضنُ أجزائهُ بعضها البعض
- أعطني قبلاتكَ سريعاً
الموجةُ قالتْ للموج
وبهذا لابد ان اكونَ غريقاً
وقلبي يكوى بنارِ الخديعة
وروحي تلتهمها اجنحة الليل السوداء
لم يعد لديّ معبدٌ مقدس
اخضوضرتْ بحيرة الذاكرة
تعكرتْ شرايينها بالأنقاض المذبوحة
لا سقا لماءٍ عذب
ومرارة الخراب كلهفةِ الانسلاخ
كنسرٍ من الثلج يُعدَّم قبيلَ العاصفة
آهٌ .. يا روحاً .. آهٌ يا روحي
كيفَ لي ان اجدَ العزاء لقلبي
وانا عكسُ كُلّ الأجراس
لا اصمتُ
انا ديكٌ لا يصمت
ينادي في جوف الليل المطبق
انا آلهٌ لا يصمت
ينادي في جوف الليل الأخرس
يرفعُ عقيرتهُ
يصرخُ .. يصرخُ
حيثُ زمن ..الصراخُ ممنوع
حيثُ زمن .. الآنينُ جريمة
لكنه يصرخُ ... يصرخ ...
يحطمُ تشاكه الانفعال
كلوحةِ الوانٍ مغروسة
كشبقٍ لا يكتمل
يتذوقُ طعمَ الهزيمة
يمررُ عيونه فوق عيونه
ويمسكُ الساعاتِ من أطرافها
فعقارب الساعة لا تلدغُ
آلهُ ساعتها
انا..
آلهٌ يفترسُ الأيام
ابتسمُ او اضحكُ
اتقهقرُ كالقمرِ
لكني أقوى من ايّ حال
انا الانسانُ .. وأبقى هكذا انساناً
تتكالبُ سنواتُ التيهِ
كخواطرِ الموتى عند المغسلِ الأخير
لم يكن هنالك من شيءٍ
اكثر من الفوضى
وخلفها خطرٌ ومحاذير
عندما اجددُ عزيمةَ الخليقةِ
الكاوس تلدُ الارضَ كجايا وأمٍ
والبحرُ الوديعُ ككبشٍ يُزَّفُ من السماء
السماء .. البحرُ .. إيروس
لم تعطهم الارضُ اكثر من بطاقةِ المرور
وأحلامي مازالتْ مُنتزعَة
والايامُ ترفةٌ كعمامةِ المصلى
والنجمةُ الباردةُ تغسل شاطئ الشرف المغسول
يا لموقفها الحزين ؟
عندما تجامعتْ الارضُ مع السماء
عندما أنساب أورانوس في كُلّ خبايا جايا
عانقَ النسيان الدمَ الطري
وأفكاري تساقطتْ
فراشاتٌ ترتوي بالصداع
يا لموقفها المسكين ؟
عندما تلدُ جايا ذلك الصغير كرونوس
لم يبقَ غير الفقراء في باحةِ السورِ المكسورة
كم هو كئيبٌ ذلكَ الموقف ؟
ريا احتضنتْ أخاها الصغير كرونوس
لتأخذ من مصلِهِ الذكري ديمومةِ رحمها الزهري
ريا تجامعتْ معه
ولونتْ عيونها بالوانِ الشجيرات
لتلد كبيرَ الآلهة .. زيوس الخطير
في الغابةِ المحترقة
ثم تمزقُ شرائط الاحتفال
وتودعُ المواقف
وتبحرُ نحو الشمال
متسكعةً
لا تفهم إلاّ قليلاً
وفي الليلةِ البيضاءِ
تبحثُ
تخلقُ نفسها .. تصومُ
كما أنا تماماً
هل هو قدرُ الأيام ؟
ان أصومَ بلا سماء
ان ابحثَ عن " شغلٍ "
عن نومٍ .. عن مشربٍ ليلكي
عن صباحٍ لِاستيقظ فيه
عن أدغالٍ منبسطةٍ
عن حوريةٍ شقراء امضي باتجاهها
واغطسُ في لجةِ الأغصانِ المبتلة
واطلقُ هزيمةَ الموتِ الاخيرة
واخلقُ من نفسي انساناً
في غابةِ الخريف الخاوية
واحرقُ الأوراق الصيفية
كهامشِ عنوانٍ ندي
وأطفئ صرختي كسيجارةٍ مخنوقة
ذات يوم ..
سيكونُ قلبي بلا شكٍ
لا يكوى بنارِ الخديعة
وكلّ شيءٍ يمرُ بعيداً عني
السكوتُ .. الاستماعُ لشيءٍ .. المرور
لا شيء ... لا شيء
فقط أنا مَنْ يرمي الحجارة
ويحركُ البركةَ الساكنة
فتباً للأوغادِ وبواعث الحظوظ المكتوبة
لا جدوى من الفصل المرمي
والأسفلت المخربش كذاكرة اليوم
لا شيء .. لا شيء
إلاّ انا
آلهٌ يهذي
فلا تسمع هذيان الآلهة الثقال
إلاّ هذياني الرتيب
ولا تسمح لحروفِ القصصِ
ان تنفذَ
إلاّ قصة سفري للخلود
فهنا الحياة تتشبث بمعصمي
النجوم تموتُ هنا
وهنا تبكي حروفي
والأفراح العابرة تلتهما الحكمة الجارحة
في بادئ الحكمة أقيمُ أعيادَ الميلادِ لروحي
وأدعو لها بالنزواتِ الصغيرة
فثمة ارواحٌ في روحي
لكنها لا تشبهُ روحي
ثمة أفعال تخدشُ حياء الورق الأبيض
أفعالٌ متعديةٌ ولازمةٌ
افعالٌ بلا فاعل
أفعال بلا مفاعيل
تُسمع كرقيعِ الصوت
ثمة كؤوس بلا حانات
تُشرب بنزوةٍ عادية
يُرتوى منها برخصٍ باهض
لكن الخمرةَ الاخيرة لا تُختبر
ولا تعبَقُ الا في فمي
ولا تصلُ النساء لِشَبَقٍ
إلاّ من خلالِ حنجري الصغير
كنتُ ثملاً جداً
ثملاً حد العُتمةِ .. حد الثمالةِ
لم أكن متوقع مجيء أنكيدو
او انه سيتحدى مبارزتي
كنتُ ثملاً جداً
رغم ثمالتي
اقعيتهُ أرضاً
رميتُ بسيفهِ
وقلبي لا زال يعشق
لا زال يهوى النساء الشقراوات
كآلهٍ طائش
- إرفعْ رايةَ الاستسلامِ البيضاء يا أنكيدو
- لن افعلها وانتَ تعرفُ ذلك
لن يفعلها أنكيدو ..
انه فارس .. والاورك تشهد
فهو قلبي لن يسجد
فهو قلبي لن يخضع
ما زال يعشقُها
كلهفةِ شوقي لِعينيها الناعستين
كإصراري لرؤيتها
في طريقي اليها
كنتُ ارسمها دائماً
خلفَ جبلِ لبنان .. بين غاباتِ الأرز
خلفَ أسوارِ خمبابا الغليظة
في كوخٍ خشبي
تعيشُ جوهرةُ الحياةِ
ياقوتةٌ حمراء ..
صوفيةٌ روحية ...
جسدُها مليئ بالانوثةِ الفياضة
غنجُها اللبنانيّ يشبهُ ثمالتي
ينطفئ الدخانُ حولها
يلتقفُ الكونُ بين ثدييها الناعمين
خصرُها كشمسٍ لكواكبِ أنفاسي
وقلبي يعشقها
في هذا الحال
لم يكن سهلا ان نفكرُ ..
نخطط .. نراجع ...
لكن
قررنا انا وقلبي
ان نبحرَ بقدمينا الحافيتين
ان نقتلَ خمبابا
ونأتي بمليكةَ قلبي
لترتقي عرشَها الأزلي ..
....-----------....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق