ما اجملك هذا الصباح .. وما احلاك .. وطبعت الأُمُ قبلتها على خده الصغير ،،
عانقته بشوق .. ضمته الى صدرها بلهفة غير معهوده .. كانت لديها
رغبة ان تبقى تقبله الى وقت وصول الحافلة .. انتزع محمد الصغير ذو
السبعة اعوام جسده النحيف من بين ذراعيها متمتما ( امي مالكٍ ؟؟ لقد
كسرت عظامي ).. ابتسمت لملاكها وحدقت في عينيه العسليتين كعيون
العصافير البريه وهمست باذنه ( لاتنسى الفطائر والعصير وتلهو بالكره .)
وحين لمح الحافلة فر منها مسرعا كالطير وهو يردد بصوت مسموع (وداعا
وداعا أٌمي ) بينما راحت امه تقراء الايات وتدعوا الله ان يحفظه من كل مكروه .
كان محمد اخر طفل من اطفال الحي الذين صعدوا الحافلة لتنطلق بهم الى
المدرسة مثل كل صباح .. عشرون طفلا تكدسوا والبراءه والشقاوة والاحلام
ودعاء الامهات .. عشرون وردة من رياض الجنان وعطر الفردوس وملائكة
السماء كانت تسير في امان الله .. لكن شياطين الارض كانت لهم بالمرصاد ..
حين قرر من لا قلب ولا دين له ان يغتال البراءه مع نور الصبح ليحول المكان
الى دم ودخان وظلام .. واشلاء متناثرة على الطرقات تاكلها النيران .. هرع
الناس فزعين والكل يصرخ ولدي حبيبي .. وارتمى الاحياء فوق الاموات .. اكوام
من اللحم والعظم ،، اكوام من الملائكة المحترقة و اكوام من الاهل والاحبة والامهات
والخوف والرعب والذهول يلف المكان .. وجاء الشيطان من جديد ليقف وسط الاحياء
والاموات ويسحب حزامه الناسف ليُنَجسٓ الدماء الطاهرات بدمه الفاسد
ويحول المكان الى مقبرة ليس لها في الانسانية مثيل .. وصعدت الارواح
الى بارئها تشكوا ظلم عباده من الشياطين والمارقين واعداء الدين .. واطبق
الصمت يلف المكان .. فلا شي سوى الموت والذهول والخوف من قادم الايام ..
المكان / بغداد الجديدة --- التاريخ / يوم دخول الارهاب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق