أُمّي يوم ماضٍ أتذكر تفاصيله جداً
كُنت في بيت الله في مكة المكرمة..و كنتَ أنا طفلة صغيرة جداً..أشتاقُ لكِ... أَشتاقُ لكِ كثيراً...و أُعد الأيام على أصابع يديّ الصغيرة
كي يأتي اليوم الذي سألقاكِ..
و لا زلتُ كذلك إذا ابتعدتِ عني..
أعد الأيام و الساعات..
و في اليوم المنتظر تاهت طِفلتكُ المدللة بين حشود هائلة من الناس
ناديتكُ بصوت عالٍ لم يسمعه أحد..سواي..
لكن.. لم ألقك حتَّى يد أبي كُنتُ قد تركتها..
بحثاً عن يدكِ الدافئة ك قرص الشمس..
و ك رغيف خبز فارق وهج النار الآن..
كنُتُ أدور و أدور..حتى شعرت أنني سأقع أرضاً.. و
علَّني ألقك..و أُناديكِ.. و أُناديكِ..
لكن.. لم ألقاكِ في أيَّةِ زاوية و أي شارع و أي طريق..
كُنتُ صغيرة يا أمي.. خفت ألا أعثر عليكِ..
تكاثفت شظايا الشوق و الحنين لكِ في عيني لِتَشكل سحابة شتوية سوداوية ينهمر منها قطرات من الدموع.. و كأنها زخات مطر كثيفة...
و لم أجدك..
تقترب امرآتان نحوي افتكرت إحداهما من بعيد أنتِ.. رجَفَ قلبي..
و لكن لم تكونا أي منهما أنتِ..
خِفتُ الضياع يا أمي..خِفتُ كثيراً أن أَفتقدكِ..
و أفتقد رؤية وجهُكِ الملائكي و سماع ايقاع صوتكِ..
خِفتُ كثيراً يا ضلعي الأيسر..و وتيني..
بكيتُ كثيراً حينها..
بكيتُ حتى أنني لم أعد أسمع أي صوت..
لا أسمع سوى صدى صوت بكائي و صوتي يناديكِ أُمَّي..
توقف ايقاع قلبي..
حتى سمعت صوتكِ يناديني..
ركضت نحوكِ... و غَمرتُكِ بكلِّ قوة..
ف بكينا و ضحكنا سوياً..
وعاد نبض قلبي و عدتُ للحياة و كأنني ولدت من جديد..
و لا أزال يا أمي
كلما سمعتُ صوت ضحكتك.. و كلما رأيتكِ..
و كلما لمحتَ عينيكِ تنظران لي بكل فخر..
أشعر أن الحياة تهديني حياة جديدة و ثانية...
لا أزال يا أمي طفلة صغيرة..
تخافُ الضياع..تخافُ الحياة دونكِ..
تخافُ أن لا تستيقظ على صوتكِ..
و على اشراقة وجهكِ..
و على صوتكِ الحنون.. في كل انفعالاته..
أنا يا أمي أخاف عليكِ
من حزني و بؤسي...و يأسي و ذنوبي
و إني و الله يا أمي أحيا و في قلبي حُب و تفاؤل و سعادة..
من أجل عينيك أولاً..و من أجل قلبك الوردي ثانياً...
لأنني أعلم جدا أنَّ أقصر طريق لسعادتكِ..
أن تبقى ضحكتي مرسومة على وجهي..
و أن أحيا سعيدة بوجه بشوش..و قلب مُزهِر..
و ستبقين يا أُمّي..
أُمّي و صديقتي و كُل أشيائي الجميلة
دُمت لي نبضاً لقلبي..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق