لحظة مهيبة لا تُنسى تلك التي توفي بها والدي. في المقبرة وقفت بين المشيعين، أقرباء وأصدقاء، نلقي نظرة الوداع، داهمني انهيار مفزع، انقطعت عن عالمي، اتخذت المرئيات شكلاً آخر، وظننت أن علاقتي بالاشياء سوف تتغير، في طريقنا ونحن نغادر المقبرة وأنا أسير بين أصدقاء والدي وهم يعزونني بكلمات العزاء التي كانت موجهة لي من وقت لآخر.
أحسست بشئ كبير ينهار في داخلي، كلما عاودتني ذكرى الوالد الراحل الذي خلف لي عالماً جديدا انفصم فيه التطلع والرغبة، الرغبة التي تضاءلت فيعاودني الشعور بالحزن. شبح الموت يتجسد في ذهني في لحظات التأمل في علاقاتي مع الآخرين، ذلك التأمل الذي يحيل زمني الحاضر الى لحظة تتمزق فيها الرغبات والاهتمامات التي كانت مبعث أمل خيالاتي، وخططت لتحقيقها، مع العلم أني غير قادر على الخروج من مساحة غرفتي.جلست مع أمي وإخوتي، كيف حدث ذلك، لا أعلم، سوى أني أجالسهم، هل هي رغبة المشاركة أم الهروب من مساحة الغرفة والهوة السحيقة في الاعماق. اتخذت مكاناً قبالة أمي على الأريكة وأمامها إخوتي ومنقلة النار، ينصتون بإهتمام لحكايات أمي والتماعات جمرات الفحم.
مساحة غرفتي، جعلتني غير قادر على التفكير بما حولي وحتى المجابهة عدا لحظات كنت فيها بعيداً عن الاهتمامات الخاصة بي. كان لي في البيت ظلاً باهتاً يتحرك معي عندما أكون خارجاً وأتواصل مع الوجود وسط الهدوء العميق الذي رسمه لي.
خلال ذلك كنت ارصد العالم، كانت رؤياي ضيقة، رغم المساحة التي اتحرك بها، وبقيت أرصد الأفق وأرنو إليه. تجذر الحزن بداخلي، يهزني.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق