الإعلانُ والإعلامُ مُـتلازِمان، لكن تغوُّلَ الأولِ على الثاني، وتوغُّــلَه في أدقِ تفاصيلِه، أفْسَدَ الـمُنتَج، وجعلَ البضاعةَ مُزجاة، تَبْحَثُ عن سوقٍ للاستهلاك المحلي، مُحاوِلةً تَصْديرَ الوهم، داخلياً وخارجياً، في عالمٍ متغير، لأناسٍ يبحثون عمَّــا يَـسُــدُّ رمقَهم، في معاركِ البطونِ الخاوية...!
....................
ولأن الْغرَضَ كان ومازال، وأخشى أن يظل، الربح، فإن الإنسانَ في آخر اهتمامات الـمُعلنين، إن كان، وما في جيبه، بالنسبة إليهم، أهم مما في عقله، ويظنون، وبعض الظن إثم، أن ما يراهُ بعينيه يُــلهيه عمَّا في قلبه، بل يُحاوِلون تغييبَ كل ذلك، باستحضارِ عفاريتِ الإنسِ والجنِ لإقناعِه...!
....................
لذلك فلا عَجَبَ أن يدورَ الإعلامُ في حلقةٍ مُفرغة، يبدأُ من حيث انتهى، وينتهي إلى حيث بدأ، لأن الـمُعلنين حكموا وتحكَّموا، وأمروا ونهوا، وجمعوا وفرَّقوا، ولموا ولملموا، ولا فرقَ بالنسبةِ إليهم، في ما يُقدَّم للناس، بين القِيم واللمَم، ولا علاقةَ لجوارِحهم بالجُروحِ التي تَــنْــزِفُ ومازالت وستظل...!
....................
ولأن فَـضَّ الاشتباك، بين الإعلانِ والإعلام، أصبحَ مُستحيلاً، فإن وعيَ الناسِ هو الـمُنقِذ، وفهمهم ما يدورُ حولهم، ويُحاكُ لهم، هو الأهم، وتفهمهم لطبيعةِ الرسالة، ومتى تُرسَل، وكيف تُستقبَل، بتحكيمِ عقولِهم، هو طوقُ النجاة، مهما ضاقَ الخناق، واشتدَّ العِراك، وعلَت الأصواتُ النشاز....!
....................
لابد من فَهْمِ العلاقةِ التي لن تنفصِم، بين الإعلان والإعلام، كي يتعامَـلَ الناسُ معهما بمنطق، ويحتكِمون في اختلافاتهم، للكتاب والسُّنة، لا لشخصٍ مهما علا، ولا لرأيٍ مهما كان، لأن آفةَ الرأي الهوى، وقد أصبحَ الهوى واضِحاً كالشمسِ في رابعةِ النهار، بعدما هوى في هوةٍ سحيقة....!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق