ذهب الشباب وتذكرت كل ما كان أو قد كاد أن يكون، تذكرت ضحكاتك الخجلى ويديك الملوحتان لي عند مفترق الجمال، تذكرت القصائد المرتبكة التي كنت اتلوها بلسان لا يجيد أن يزوق الكلمات، قصائد كتبتها ببراءة عاشق لا يعرف معنى الزيف. تذكرت الدروب وذلك الشارع المفعم بخطواتنا، تذكرت الخطوات الزاحفة نحو اللقاءات، اللقاءات التي كانت تنتظر على مضض رحيل الليل لتمسك بكف الصبح لنأتيك محملين بالنبض والورود. تذكرت النهر، تذكرت بعض قطرات تتأرجح على خد ورقة في شجرة كنا نستظل تحت حبها وفيئها.
تذكرت المقهى القديم فتوهجت صورة المقاعد والفناجين وعلب المناديل الورقية ووجه النادل الخجول........ كأن الذكريات وابل مطر لطقس مجنون انثالت دون رحمة. تذكرت حقيبتك التي كنت تودعينها حضني وتذهبين كي تصلحي مكياجك الذي أفسده المطر المجنون، تذكرت عجوزا كانت تطاردنا تطلب شيئا يسد رمقها وهي تدعو الإله بأن يحفظ شبابنا فضحكت، تذكرت اصابعنا التي ما كانت تترك بعضها حتى وإن نحن سهونا عن بعضنا ويممنا وجوهنا صوب النهر ساهمين ..ما أشد الذكريات وما افدحها وما أقسى النوافذ حين تأتي برياحها وثلجها القديم.
تذكرتك، تذكرتك انت وانا أقف أحدث المرآة التي افشت لي حكاية الزمن الذي مر وأعلن عن بياضه الفادح. . .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق