يشكل هذا الكتاب دراسة معمقة في ديوان "درّة التاج في شعر إبن الحجاج، التي هي من اختيار "هبة الله بديع الزمان الأسطرلابي" وتحقيق الدكتور علي جواد الطاهر.
وفي الكتاب يتبدى للقارىء ضخامة ديوان إبن الحجاج وأهميته وقيمته الأدبية، فهو مفيد لمن يروم التأريخ للأخلاقيات. فقصائده تلقي الضوء على جوانب من الحياة في بغداد في زمانه (توفي سنة 391ه)، وهي جوانب غالباً ما تم التستر عليها. ويمكن للمؤرخين أن يجدوا في "سخف" إبن الحجّاج الكثير مما أهمله ساردوا أحداث الحقبة البويهية من معلومات عن: عوالم المغنيات والراقصات وأجواء الحانات، وعن سلطة الحجّاب والبوّابين، وعن الحياة الحميمة لأعيان ذلك الزمان (نوادرهم وأهواءهم ...)". فعلى سبيل المثال لا أحد غير إبن الحجّاج كان مؤهلاً ليروي لنا أخباراً مثل ذلك المتعلق بالوزير إبن بقية وتسلط زوجته عليه ...
وفي الكتاب يدرس الدكتور علي جواد الطاهر "أسلوب الحجاج" و "بناء القصيدة" و "اللغة" والجانب "البلاغي" في شعر إبن الحجّاج، بالإضافة إلى توضيح "قيمة شعره الأدبية" وعن أسلوبه اعتبر المؤلف أن إبن الحجّاج هو، في الواقع، شخصان وشاعران، فإن ثمة أسلوبان في أعماله: أحدهما يظهر في شعره التقليدي، والآخر في "سخفه". فهو في شعره "التقليدي" يهتم بالصنعة، وينتقي ألفاظه، ويمدح من الأساليب البلاغية المعهودة، مكرراً ما هو متداول قبله. ففيما يخص التشبيه، نجده يقارن الشخص الكريم بالبحر، والشجاع بالأسد، وهكذا ... أما في شعره الذي لا تكلف فيه، حيث يتجلى "السخف"، فلاحظ المؤلف "غياب الصنعة والتمحّل والتلقائية واضحة فيها" وكل الكلمات النابية التي وجدها عند إبن الحجّاج، والتي لا يتقبلها الشعر "الكلاسيكي"، ما زالت حيّة إلى اليوم في لهجة أهل العراق بما فيها من بعد هزلي. لهذا يرى المؤلف أن "سخف" إبن الحجّاج هو الجدير بالدرس، وليس شعره التقليدي. فكانت هذه الدراسة مع عرض لمائة وواحد وأربعين باباً تضمنت عناوين لقصائد ديوان "درّة التاج" نذكر منها: "في إنجاز موعد" ، "في حسن الأمل" ، "في العتاب للإخوان والأصدقاء وغيرهم" ، "في مدح مغنٍ ومغنية" ، "في الهجاء" ، "في صفة الشعر" ، "في التهاني بالأعياد" وغيرها من القصائد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق