(إلى روح أمي عائشة)
لِأُمِّي
يَنْحَنِي الْغَمَامْ ..
لِأُمِّي
ُيزْهِرُ الْأُقْحُوَانْ..
لِأُمِّي صَلَاةٌ ..
لِأمِّي مَقَامُ عِشْقٍ فِي بَرِّ الْأَمَانْ.
وَأُمِّي لَا تُخَالِفُ عَادَاتِهَا:
تَدُقُّ كُلَّ لَيْلَةٍ بَابَ غُرْبَتِي
كَأَنَّ اُمِّي لَا تَنَامْ..!
تَسْأَلُنِي:
أَمَا سَئِمْتَ الْعُزْلَةَ يَا وَلَدِي؟!
أَمَا سَئِمْتَ الْحَياَةَ فِي الظَّلَامْ؟!
قُمْ يَا وَلَدِي،
قُمْ إِِلَى غُرْفَتِي،
قُمْ وَبَادِلْنِي السَّلَامَ وَالْكَلَامْ.
لِمَا جِئْتِ يَا أُمِّي،
لِمَا جِئْتِ فَي أَوَّلِ الْمَنَامْ؟
جِئْتُ يَا وَلَدِي
كَيْ أُعَلِّمَكَ تَرْتِيبَ الْبَيْتِ لِلْمِحَنْ:
هُنَا خَابِيَةُ زَيْتٍ تَنَامُ فِي الظَّلَامْ..
هُنَاكَ تُعَلَّقُ شَرائِحُ لَحْمٍ يَابِسٍ
وَلَا تَنْسَ الْمِلْحَ لِدَرْءِ النَّتَنْ..
هَاهُنَا قُلَّتَانِ:
وَاحِدَةٌ صَغِيرَةٌ لِلسَّمَنْ،
وَوَاحِدَةٌ كَبِيرَةٌ لِلَّبَنْ..
هُنَالِكَ فِي الرُّكْنِ سَلَّتَانِ:
وَاحِدَةٌ لِشَرَائِحِ التِّينِ
مَحْشُوَّةٌ بِفِلْيُو وَالزَّعْتَرِ لِتَعْطِيرِ الْمَكَانِ..
وَوَاحِدَةْ فَارِغَةْ..
فَقَدْ يًجُودُ الزَّمَنْ..
لِمَنْ أَكْتُبُ بَعْدَكِ يَا أُمِّي
إِذَا ضَاقَ الصَّدْرُ وَالْبَصَرْ؟
لَا تَكْتُبْ لِلطُّغَاةِ يَا وَلَدِي،
وَِاكْتُبْ لِكُلِّ أَصْنَافِ الْبَشَرْ..
إِجْعَلْ صَوْتَكَ حَسُّوناً فَوْقَ الْفَنَنْ.
وَلَا تَنْظُرْ لِلطَّاوُوسِ يَا وَلَدِي..
رِيشُهُ زَهْوٌ وَجَوْفُهُ عَفَنْ.
أُكْتُبْ فَوْقَ جُذُوعِ الشَّجَرْ..
أُكْتُبْ فَوْقَ الْحَجَرْ..
فَمِنْ عَادَاتِنَا
أَنْ نَكْتُبَ بِالْقَصَبْ
أَوْ بِرِيشِ الْحَمَامْ..
ومَن أَحَقُّ بِهَذَا الْقَلبِ بَعْدَكِ يَا أُمِّي
وَقَدْ دَبَّ فِيهِ الْوَهَنْ؟
لَا تَتْرُكْ قَلْبَكَ بَيْنَ النِّسَاءِ يَا وَلَدِي
وَلَا تَأْمَنْ لِلْقَدِّ وَالْقَوَامْ
كُلُّ زَهْرٍ سَيَذْوِي تَحتَ ثِقْلِ الزّمَنْ
اِمْنَحْ قَلْبَكَ لِمَنْ تَرَاهَا أَهْلاً لِلدَّوامْ
وَلَا تَنْزَعْ قَلْبَكَ مَهْمَا كَانَ حَجْمُ الْأَلَمْ
مِمَّنْ أَهْدَتْكَ الْحُبَّ طِفْلاً وَلْمْ تَسْأَلْكَ الثَّمَنْ.
أَسْأَلُ أُمِّي
كَأََنِّي مَلِكٌ أَضَاعَ الْعَرْشَ وَالصَّوْلَجَانْ:
أَيْنَ كُنْتِ يَا أُمٍّي؟
أَيْنَ كُنْتِ
عِنْدَمَا ضِعْتُ كَخَاتَمٍ فِي الزّحَامْ؟!
تَبْسَمُ أُمِّي..
ثُمَّ تَطِيرُ مِنْ عُشِّهَا..
تَطِيرُ أُمِّي بَيْضَاءَ..
مِثْلَمَا تَطِيرُ أُنْثَى الْحَمَامْ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق