أمّاه يا حلماً على شَفَتي، أتراكِ مثلي تحلُمين؟ عيناكِ شاردتانِ في الأفقِ البعيدِ، وظِلالُ بسمةٍ غافَلَتْكِ وحَطَّتْ فوق خدّينِ من لٌجَين، تَغُوصين في عمقِ الحياةِ، وإلى المستقبلِ القادِمِ تذهبينْ. أتأملينَ أن أكونَ ذات يومٍ ذلكَ السّندَ الأمين، أمّي بماذا تفكّرين، أبذلك الطّفل الذي أسندَ الرأس شروداً على كَتِفٍ من حنان. أماه يا هبةَ السَماء، دعيني أقبّلُ الجَنَّة تحت أقدامِكِ، وأرسُمُ الحلمَ طيراً خافقاً في سمائك، أنت يا ورداً به الإيمانُ تَعَطَّر، أنت يا قبلةً طُبعت على خدِّ الزمان، فكنتِ للدّنيا رجاء.
أماهُ يدُكِ التي أَحْنَتْ على ظهري، كانت لي قبساً يومضُ في القلبِ نبضاً، وفي الصدر خفقاً. أمّاه أنتِ يا نبع الفضيلةِ على مرّ الدهور.
..
ولدي يا دفءَ قلبي، ويا نبضيَ الذي يعزفُ على وَقْعِ نبضكَ سيمفونيةَ وجودي، فأنا بك ولكَ أحيا، ولذلكَ اليومِ البعيدِ القريبِ أهفو. يوم ألقاك فتيّا، تحمل الهمّ عني، الذي أضناني طويلا.. كنْ كظلي.
ولدي عيناكَ سارحتانِ في عمقِ المدى، بماذا تحلُمان يا تُرى؟ أتظنّني لا أعلم أنّك ذلك السّراج الذي سيحاولُ شقَّ طريقَهُ في عتمةِ هذا العصرِ، أتحسَبُني لا أعلمُ إلامَ تذهبُ بأفكارِكَ، كم أُشفقُ عليك يا ولدي، وأنت تخوضُ في وحولِ هذي الحياةِ التي بلّلَها الفاسدون بفسادهم.
ولدي ليس لي إلا أن أتمنّى لك النّجاةَ من هذا المخاض، والعبور للضّفةِ الأخرى، دون سقوطٍ أو ابتلال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق