هذه مقامة فيها تطويع لمنظور العصر
حدثنا سعيد بن سلطان قال: إن أبا الحناء العطار في إحدى اسفاره قد حل به مصاب أقعده عن الكسب والطلاب، ونصحه الحكيم على الفراش يقيم حتى تندمل البثور وينجبر المكسور .
اشتد به الوقت وكأنه لحظة من موت . ساعاتها أيام ، وأيامها شهور .نفد معها الزاد وما يقيت العباد . هلك الطارف والتليد ، وبات عيشهم على الحديد .
فأشار إلى أم الحناء : هل لك من حاجة قضاء ،وتكوني من الفضلاء؟ فقالت : ما تريد ؟ ونحن على السعة نجيد .
قال : أريد ان تنزلي السوق وتأتينا بما يصلح الحال ،ويرفع عنا هذا الطوق ، فلا بد أن يكون لنا في بساتينهم نخلة ، وفي قطعانهم سخلة . فقالت : كيف السبيل ؟ ، وانا لست الجميلة ،وتعوزني الحيلة . فقال لها : احزمي الأمر ، وسترفعين راية النصر .
دخلت إلى الساح وكأنه موسم الأفراح ، والسواد من الناس ألوان وأجناس . دفعت عربة أمامها ، وملأتها بما لذ وطاب ، وما خفي عن الأحباب .
أقبل شاب من بعيد فقالت تحقق الحلم السعيد ، فأنكبت عليه ، وطوقته بذراعيها ، تقبله وتتمسح به ، كمسافر طالت غيبته ، وهي تناديه أمي ، أمي ...... ابني أنت ابني ، حاول الهروب ،وصعب عليه المطلوب ، تجمع الناس ، وقد أفعموا بالمشاعر والاحساس ،وأخذوا يهنئون ، وبالسلامة يحمدون .
دفعت عربتها المليئة بأشتات من سلع ومونة ، وأشارت أن الحساب عند أبنها الشاب ، وبلحظة قدر تلاشت عن النظر ،وأنشأت تقول :
أنا ربيبة الخدور. رشيقة كيف تدور
فارسة المحافل. براقة الظهور
١٢ رمضان ١٤٣٨. ٢٨ /٥/٢٠١٨
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق