يهتم النقاد كثيرا بطفولة مصطفى وهبي التل"عرار" الذي عاش بين ابوين متنافرين فأثر ذلك عليه في شبابه
و النقاد لم يقصدوا بهذا ان "عرارا" ليس وطنيا، و لكنهم كانوا يلاحظون ان شخصيته متمردة لا تكاد تهدأ فوصلوا الى حقيقة هي ان هذا التمرد كان نتيجة للحياة التي عاشها في طفولته
كبر "عرار" ليشارك مشاركة متوترة في احداث كثيرة سرقت منه شبابه الباكر،بل و استمرت إلى مرحلة متأخرة من حياته
يسجن ثم يخرج من السجن الى وظيفة ثم يفصل منها،ثم يعود إلى وظيفة أخرى،ثم يعود الى السجن بعد ان يكون قد فقد وظيفته
و هكذا اختلط الأمر على الدارسين؛هل كان شجاعا أم متهورا؟و هل كان يفعل ذلك بحركة متأنية ام انه كان مندفعا بتأثير نفسيته المرهقة؟
حين كان في بداية الأربعين من عمره سجن مع إبنه"وصفي "
و نظم في السجن قصيدة أكدت هذه القصيدة أن شاعرنا المبدع كان متألما بسبب حياته المضطربة، و انه يشتاق الى حياة الاستقرار مع زوجته و أبنائه، و بهذا يحتار القارئ و يطلب الفكاك من أسر هذه الحيرة و لا فكاك إلا بالاقتناع بأن الشاعر يفرغ بهذا التهور جزءا من تضخم القلق في نفسه
و لا بد من ان نعرف مواقف "عرار" قبل أن نصدر أي حكم عليه؛
لقد هاجم الشاعر المرابين فقال:
/قولوا لعبود عل القول يغنيني
إن المرابين إخوان الشياطين/
و ألقى اللوم العنيف على من لم يدافع عن الوطن و الأرض فقال:
/أهلوك قد جعلوا جمالك سلعة
تشرى و باع بنو أبي أوطاني
و ذووك قد منعوك كل كرامة
و أنا كذلك حارسي سجاني/
و طلب من الناس أن يدفنوه في وطنه فقال:
بحوران اجعلوا قبري لعلي
أشم أريجها بعد العناء
و بهذا كله يكون الشاعر قد أثبت انه يكتب الشعر و هو بكامل قواه العقلية و النفسية، و قد كان من القلة التي تعلمت و ابصرت الخطر العظيم من الأعداء و الجهل و التجاهل من الأحباب و هو يشاهد تحكم المستعمرين ببلاده و لا يجد مناصرا حتى من أبناء جلدته،فسار وحيدا يتخبط أحيانا بتصرفاته الارتجالية الصاخبة، و يبهر الناس بأشعاره الحكيمة المتزنة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق