أ لَيسَ للمُشتَكَى بَابٌ لنَفتَحَهُ
و عن طريقِهِ قُل للشَّاكِي انطَلِقِ
وللغَريقِ حِبَالٌ كان ينسُجُها
خَوفًا من التِّيهِ إذ تُنجِيهِ من غَرَقِ
كأنَّنَا والسَّمَا كالزَّيتِ في لَهَبٍ
نَلهُو ونَقفِزُ فوق النَّارِ في أَلَقِ
لَكِنْ إذا شَاءتِ الأقدَارُ ما انتَظَرَت
أنْ تَطفِئَ اللَهَبَ الموقُودَ بالوَدَقِ
كمُسرِعٍ وانتهى في الأرضِ مُنكَفِئًا
غَيرَ الجِدَارِ فلَمْ يُسعِفهُ مِن عُنُقِ
فخُذْ من الحِكَمِ العلياءِ أكثرَهَا
في النَّاسِ قد حَدَثَت كالصَّوتِ في البُوَقِ
يالائمًا حَظَّكَ المَفقُودَ مُنذُ عَيَا
إنَّ الحُظُوظَ مِن الإغمَاءِ لَمْ تَفِقِ
مُنذُ الصِّبَا نحن في لَيلٍ بلا قَمَرٍ
يُنِيرُ للعُمرِ يمحو غُربَةَ الغَسَقِ
و ضَاعَ حُلمُ الفَتَى لَمْ يَدرِ أين هَوَى
أ في جُذُورِ الثَّرى أم فَرقَدِ الأُفُقِ
و رَاحَ يبحَثُ عن نُصحٍ يُساعِدُهُ
فلَمْ يَجِدهُ سِوَى حِبرٍ على وَرَقِ
و أنَّ مَن يفتَخِرْ يَومَ النَّوَى بَهِجًا
بأَنَّهُ الليثَ لَمْ يَسلَمْ مِن الرَّشَقِ
و قد بُلِينَا بأنَّ الهَمَّ صَاحِبُنَا
كصُحبةِ الظِّلِّ للأجسَادِ في الطُّرُقِ
المَرءُ لَمْ يحتَمِلْ سَاعَاتِ شِدَّتِهِ
كيف احتِمَالُهُ لَو دَامَت بذَا النَّسَقِ
إنْ كانت العَبرَةُ الحَرَّاقةُ انفَجَرَت
يا نَفسُ كُفِّي إذًا عن صَمتِكِ الحَذِقِ
و لَملِمِي مِن حُطَامِ العُمرِ أجمَلَهُ
لتَرسُمِي لَوحَةً مِن طَيفِكِ العَبِقِ
على جُذوعِ الأسَى أنفاسُنا صُلِبَت
كالقَسِّ لو أبدَلَ الإنجيلَ بالفَلَقِ
و أصبَحَ الفِكرُ أجزاءً مُوَزَّعةً
تبدو عليها صفَاتِ التَّائهِ المَحِقِ
شَتَّانَ بين انتِقَالِ الهَمِّ في جَسَدٍ
أو انتِقَالِهِ بين النَّاسِ في الأَرَقِ
فذَاك شكوَاهُ لَمْ يَعهَدْ بها أَحَدًا
و هذه انبَسَقَت في كُلِّ مُختَنِقِ
يا سَاهِرًا في الدُّجَى العَتمَاءِ قد غَرِقَت
أحلَامُكَ البِيضُ في مُسوَدَّةِ الحَدَقِ
فلَا تَظُنَّنَّ أنَّ العُمرَ تُنتِجُهُ
حَوَاصِلُ الجَمعِ بين الصُّبحِ والشَّفَقِ
وَهَبتُ ما يَملِكُ الإنسانُ مِن رَمَقٍ
و صِرتُ مُستَجدِيًا مِن ثُمَّ للرَّمَقِ
حتَّى عَلِمتُ بما أوحى الزَّمانُ لنا
أنِ اجلِسُوا و انظُرُوا للحَبلِ في العُنُقِ
هذا البَلَاءُ كبَحرٍ هَائجٍ و غَدَا
مَن فِيهِ مُستَنجِدًا بالزَّورَقِ الخَرِقِ
دَع عَنكَ لَومَ الدُّنَا إنْ عَانَدَتكَ فما
قد ألبَسَت جِلدَها الدُّنيَا لمُحتَرِقِ
جَاهِد جِهَادَكَ و احفِظ ماءَ وَجهِكَ مِن
دَوَّامةِ الدَّهرِ أو دَيمُومَةِ القَلَقِ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق