على بياض صفحاتنا تتجسّد معاناة وطن وفقراء معدمين، ندرك أنّ الأحلام لن تتحقق، فلسنا سوى خزانة تمتلئ بالدّموع في زمن سيطرت المادة والنفط والعملاء الخونة علينا.
لم ندّعِ الحزن لأنّه أصبح ملاذنا الموجع، ولم نذرف الدموع عبثًا لأنّها أصبحت شرابنا الذي نرتوي به في كل عطش.
نقبع في زوايا معتمة وننتظر حدوث معجزة، وبنادق الغدر مصوّبة إلى صدورنا..إلى أقلامنا..إلى ذاكرة أطفالنا، فتتراكض الصّور بالعبور إلينا لتكتب مذكرات عائلة فرقتها الحرب، مذكرات لايراها أحد إلا من بلّلت دموعه كل حرف فيها.
شاءت الأقدار أن يتفرّق أفراد أسرة بسيطة عانت من ويلات الحرب والدّمار، وأصبح الألم والحزن طعامهم الموجع يوميّا فأولهم:
#طفل تتراقص أحلامه في زمان من فولاذ، يبكي حنانًا مفقودًا، تقضّ ليله رياح مجنونة، وبدموعه السّخية يملأ وسادته فيشهق الصّدر عاليًا آهات وآهات.
أما# الطفلة الأخرى فهي تمسك ريشتها لترسم بالألوان..أصفر، أخضر، أحمر...لاااا..لاأريد الأحمر( تصرخ عاليًا)أهلكتها صور الموتى ورائحة الدّم، فرسمت قفصًا وبداخله عصفور وتركت الباب مفتوحًا.
أما#طفلنا التالي فقد ارتدى ثيابًا جديدة وبدأ يضغط على أصابعه كي لاتهرب منه العيديّة، يسرع..يسابق الرّيح..تكون قوية جدًا لدرجة ارتطامه بعمود الخيمة.
وهنا#طفل آخر يحاول النّوم لكن عبثًا، فرائحة الحلوى قريبة جدًا، يغمض عينيه، يطبق شفتيه، ويبقى الشيء الوحيد في فمه طعم لعابه المرّ.
أما#طفلنا الآخر فكانت جريمته سياسيّة كبرى..فقد قام بالتبوّل على حائط المدرسة، فتسارعت قوى الأمن لضبط إرهابيّ وفي جعبته ذخيرة من دواء للسكّر.
ربما تكون معاناة الأطفال السّابقة أخفّ ألمًا لما يعانيه طفلنا القادم:
# طفل يبتسم وفي عينيه دمعة عندما يجد نفسه الناجي الوحيد من حيّه، يحاول الوقوف لكن عبثًا، يسقط...لتبدأرحلة البحث عن أطرافه السّفليّة.
يختبئ الحزن ويتجمع داخل طفلنا الأخير:
#طفل يعشق الأحلام، كلما أغمض جفنيه امتلأت بطنه بأطايب الطعام، لكنّ أصوات الطّائرات خارجًا تمنعه من إكمال وليمته..فقررّ النّوم الطويل.
ياااه..أي طفولة هذه..وأي معاناة..؟
تلك التي حفرت أخاديد على وجناتهم وسهامًا قاتلة في ذاكرتهم التي لن يمحوها أي شيء بعد الآن.
هكذا شاء القدر في زمن الحرب والدّمار، أن تتشتت الأحلام وتتبعثر الأمنيات..وأن تسحق حقوق الطفولة تحت سماء وطن ينزف.
ويبقى السؤال قائمًا: إلى متى..؟؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق