بعدَ ثلاثةِ منشورات، عن الموتِ والحياة، تبدو الحاجةُ مُـلِحَّــةً إلى تأصيلٍ وتفصيل، تأصيل يعرفه كثيرون، ويعملُ به قليلون، أو نادِرون، وتفصيل يوضَّـحُ الصورة، ويَضَـعُ الأمورَ في نِصابِها.
فالدعوةُ إلى الاعتِبارِ بالموت، لا تعني الاستِسلامَ له، وأن الدنيا زائلة، وأن لا فائدة من العمل، ولا حتى الأمل، بل هدفها الأسمى، الاستِفادة من كل ثانية، أو فيمتوثانية في الحياة، بصالِح الأقوال، والأفعال، والأعمال، والنيات من بابِ أولى.
الموتُ مُقدِّمة، والنتيجةُ في يَـدِ الْـحَـي، بأمر الْـحَـي، الذي لا يموت، الذي أمرنا بالمشي في مناكِبها، والأكل من رزقه، وإليه النُّشور، ساعين إلى الأفضل، مُـجْـتَهدين، قَـدْرَ استطاعتِنا، آمِلين الأجرَين، إن أصبنا، وألا يحرمنا اللهُ أحدَهما، إن أخطأنا.
الخطأ وارِد، والخطيئةُ كذلك، وبابُ التوبةِ مفتوح، والقبول أيضاً، إن أخلَصْنا، وخلَّصنا غَـيْـرَنا، وتخلَّصنا من أوزارِنا، وغَسلنا أدرانَنا، وتذوقنا حلاوةَ الرجوعِ إلى الله، والخشوع والخضوع، لْـمَنْ بيدِهِ مقاليدُ السماواتِ والأرض.
الحياةُ ملأى بالمسرات، إن رأيناها بعينِ البصيرة، وبالخيراتِ، إن فعلناها ابتغاءَ مَرْضاةِ الله، وبالْـمُـسْـتَحِقين والْـمُـسْـتَحِقات، إن حقَّقنا ذلك في أنفسِنا، قبل الْبَحْثِ عنه في غَيْـرِنا، لأن اللهَ لا يُـغيِّـرُ ما بقومٍ حتى يُـغيِّـروا ما بأنفسِهم.
الدُّنيا جميلةٌ وبالدِّينِ أجمل، إن استشعَرْناه، وأشْعَرْنا به غَيْـرَنا، ونَشَرْنا الفضيلة، ونثَـرْنا الوِد، وغَرَسْنا الأمَل، وبذَرْنا الْحُب، وبادَرْنا بالسلام، وصالَحْنا وتصالَحْنا، وقَـدَّرْنا وقُـدِّرْنا، والكونُ لنا، إن عَلِمْنا حِكْمَةَ تسخيره، وعَمِلْنا بِمُرادِ اللهِ فينا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق