رفع الشّعار فرنّتْ في أذنيه المعزوفة ( وين ..وين..وين الملايين..) تقدّم والخطو منه يضرب في مدار البحث عن الاتّجاه . أيّ السّبل يسلك ؟ في وجه من يُشرّع شعاره ؟ وَجَلٌ يسيطر على الحركة والذّهن يغرق في دوّامات الوصول. حاول إسقاط اللجلجة ، هو يعرف ، لا بدّ أن تكون الوقفة حازمة حتّى يبلغ المنتهى . صعّد السّير فعلِقتْ قدماه في سلسلة خُرافيّة الصّنع طالما حدّثته عنها جدّته كلّما روت له قصّة السّاحرة والأقزام.هو يعرفها ولذا تهيّأ له أنّ الخلاص يسير. لقد حذق الحِيل من الخرافة العجيبة . حاول التملّص منها فمدّت ألسنتها تمتصّ الجهد وتنذر بالفشل.
في غفلة منه وهو يحاول الإفلات انزلق الشّعار . دار حوله ثمّ دار. همس للرّيح : قولي أيّتها السّارحة في براري الوضوح : الموت لمن؟ نفخت ثمّ استدارت على عقبيها ، وظلّ مشدوها تجرّه الصّدفة إلى قدر موعود. رمى بصره باحثا عن مخرج ، عن يد ترفعه فطنّ صليل السّلسة في أذنيه.، شهق الحديد . لفّ حول عنقه أحبولة متقنة . قهقه السّراب ورمى بين يديه الودع قائلا: هيّا اقرأ حظّك، هو مكتوب على جذوع النخل المكدّس على جرف النّوايا ، اِلحَقْ إن استطعت بصفير المُحار علّك تكتشف ما وراء البحار ، تكتشف حظّك والسّلسة تعقد العزم على كبح صوتك فتلتفّ حوله شرنقة الدّوار وتظلّ كما أنت ضاربا في المتاهة يُلهبك الظّمأ ويكسركَ الحصار.عمّا تبحث أيّها التّائه في أطلال الجدود .أنتَ هنا رهينة عجزك بل أسير أهلك والجحود.
الموت لمَنْ؟ لا تتساءل فالشّعار قد استُفرِغ ، باعته العاصفة لصنّاع المراكب يرتجون الغزو والمجاديف مبتورة . رحلة ولا بوصلة بينما اليمّ يُشرّع هوله فيرتمون على شواطئ الخيبة هلكى ، لا أرض تحميهم ، لا نخل يظلّلهم وقد اجتُثّت الأصول مُذ ارتمى البُلَهاء في محرقة هم حرّاسها والوقود.
الموت لمن؟سؤال تلجلج على فم الحيرة . علّق على سارية الدّهر شعارا :صَهْ ، تثبّتْ قبل أن تُطلق الحنجرة بالهتاف فتُضَيّع وتضيع في متاهات الحدود.
تونس...21 / 9 / 2019
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق