جلست قبالة والدها وهي تضع إبريق الشاي بهدوء و قد أضناها التعب،تصنعت ابتسامة كاذبة و الألم يعتصر قلبها من ذلك البيت الممل ، طلبت منه بكل براءة أن يسمح لها بالذهاب للتنزه مع بعض قريباتها علها تنسى هموم الحياة و لو قليلا ، صفعها الأب بقسوة ،وأكمل بنبرة ناهرة :
إياك و العبث في موضوع الخروج من البيت!
رمقته بنظرة ذليلة، ونشيج مكتوم ، حبست دمعتها وهي تمدُ له كأس الشاي و تتركه ،دخلت غرفتها تتمتم و تعد نفسها بأن ترد حياة والدها جحيما كما عذبها .
هيأت لكل شي و هي تتحسس خروجه من البيت و تستغل غياب والدتها المهمِلة.اختارت أن تمشي في طريق الوحدة ، هربت من بيت الصبا ،إلى أزقة حالكة الظلام ،كعصفور مهاجر لا يعلم مصيره .
رحلت دون أن تأخذ وداعا و لا حتى تذكارا يفتح قلبها للماضي الذي أرهقها .
ليل ذو سحاب أسود ،و سماء ترعد و روح مبتلة ، في ذلك الطريق المخيف ،سقطت مغشيا على قلبها ،و مغشيا على جسدها الهزيل ، لم تع ما يدور حولها ، إلا صدى صوت ذلك الغريب و هو يستعجل الأطباء بإنقاذها ،ليكون صدى نبضة العشق على عتبة باب قلبيهما.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق