غاية الشعر أن يكون جميل ومعبر عن ذاته بالجمال والجمال لا يصدر إلا عن الجميل وهذا ما سعت اليه الشاعرة الرقيقة والجميلة الجزائرية سليمة مليزي من خلال قصائدها التي تضمنها ديوانها الموسوم { نبضٌ من وتر الذاكرة}
حيث تفجر افكارها بأحاسيس طالما اختزنتها اوتار الذاكرة طيلة غيابها عن الابداع حيث تقول في مقدمة الديوان .
تمهيد للنبض :
من عطر حروف وردية...أزرع عناقيد العشق الأبدي.
من نبع حنيني أو حبي... أعود بذكريات الحروف.
من عشقي لغتي وتراثي...استلهم عبير المعنى. إلى كل جميل في كل بلادي العربية
زرعت الجمال في جنون القلم وأعطيت كل نبضٍ من فكري لينبت زرعاً يافعا ينير قلوبكم الطيبة ، فأنتم الذوق الذي يرعى ما زرعت، ويروي ما أعطيت.
هذه مقدمة فتحت باب التشويق لمتابعة بقة القصائد حيث تزرع بكلماتها العذبة وعباراتها الجميلة التي اقتنصت بها اللحظات وحولتها الى قصائد شعرية تعبر عما في دخلها من حب للخير والطبيعة وما تعانيه كإنسانة وشاعرة مرهفة الحس صاحبة وجدان راقي لذا كانت عباراتها تجسد شخصتها كشاعرة فتراها واصفة لجمال مدينة تيباز فتجعلك ترى المدينة كلوحة فنية ضاربة في عمق التاريخ ..رسمتها بريشة رسامة ماهرة فتكون أنت حاضرا في المدينة من خلال الكلمات والصور.
(تيبازا) أغنيةٌ على شفاهِ العصور
ترتلها الحياةُ على مَذبَحِ النذور
تتماوجُ بين البر والبحر والنور
لازورديٌّ سرُّها، أخضرُها سرور
هواءٌ كسولٌ يداعبُ الموجَ الجسور
زبدٌ ، رضابٌ يتشبث بالصخور
وفي قصيدة كن صديقي و أكثر تشعر بالصدق و سمو الروح للارتقاء نحو علاقة وجدانية تجسد الانسانية بأجمل صورها
كن صديقي ..
في شدةِ الحزنِ كن ..
في غمرةِ الفرحِ كن ..
كن صديقي ..
في لهفةِ اللقاءِ بدون نفاق
في صحبةِ الدنيا نداوي الجروحَ
كن صديقي ..
نلملمُ العمرَ قبل الفراق..
نهزمُ الظلمَ ..
نزيحُ الحقدَ من القلوب
ونزرع الفرحَ والأمل
فهذا الندى كن صديقي الذي يمثل الشوق والحنين لان نكون مثال للخير والمحبة
والشاعرة عندما تجسد الخير والمحبة فان حبها يكون صادقا ومن أعماق قلبها .. وهنا نجد الشاعرة تذهب الى ابعد نقطة في فكر الرجل لتقنعه ان المرأة يمكن ان تكون خليلة الرجل في جميع مظاهر الحياة .. شقاؤها .. حلوها .. مرها .. فكرها لتتقاسم معه كل هموم الحياة ..و هذا ايضا ما نلمسه في قصيدتها { لك وحدك يجن قلمي } فهي تنثر حروفها جريئة صادقة معبرة عما في داخلها من أحساس راقي و عذب بهمسات وردية فتكون الحروف متمردة حتى على الشاعرة لتصف المشاعر كما تهوى وتريد في التعبير بعمق عن جنون الابداع لديها .
تناثرتْ بقايا أحرفي..
بين أوراقي ..
كسمكةٍ تسبحُ بين الأمواج ..
جريئةً تأبى المثولَ لإفكاري .
تعاندُ فيّ الروح
تتراقصُ أمامي ؛
لأعيدَ ترتيبَ أبجدياتِ الحرف ..
هيهاتَ .. هيهاتَ ..
من نارٍ تُوقِدُ أعماقي ..
تحرِقُ قلمي ..
فَتَلِدُ رمادَ الروحِ ؛
لأرسمَ همساتِ الود ..
على دفاترِ أشعاري !!
لك وحدَك يُجَنُّ قلمي ...
حين أتنفسُ ذروةَ الجنونِ فيك
مواسم الوجع تتفنن الشاعرة بعباراتها فهي تكتب القصيدة ذكريات وآهات حيث الانتظار واللهفة و التأمل على جدار القلب تنبض حروفها بالنور وتضيء العتمة وتلوح للأمل تعانق أفق الشوق التي وصلت حدود الهيام و يبدأ القلب سفره في الحلم يرافقه الخيال
كلما هبت عاصفةُ الحزن..
وتراكمَ الأنينُ .. والعتاب ..
كانت كلُّ الطرقاتِ تُعَبَّدُ لي ..
فرحًا وشوقًا .. وحنينا..
والحقلُ والبذرُ يُعيدانِ غرسَ الشوق
والصبحُ والنسيمُ وتغاريدُ الطيورِ تزرع الودَّ
وتمحو أنينَ الماضي
وكان مَلِكُ الحبِّ يتربعُ على عرشِ القلب
وهكذا بقية قصائد الديوان تجدها شعلة من المشاعر الأنيقة والرقية ترافقك فيها الأشواق النبيلة والفكرة السامية التي عبرت عنها بكلماتها العذبة عن مشاعر المرأة التي هي مصدر الحضارة والرقي في المجتمع والتي تعتز بأنوثتها و أفكارها فرسمت لنا بريشة الفنانة لوحات وصور غاية في الدقة و الروعة بعبارات رقيقة لشاعرة متمكنة من أدواتها ولغتها،
7\11\2014
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق