قصيدة " مريم " للشاعر ياسر سعد " الكشف عن أرحب مضمون إنساني واندماج الكينوينة والوجود الذي يظمأ اليه شاعرنا .
هذا الفيض من الابداع وهذا الزخم من الوهج الشعري في تعدد ثيمات القصيدة التي كتبها الشاعر " سعد " وهو يتباهى كما يتباهى الشعراء اينما حلوا بحبيباتهم لكي يظل الحب ناظما للمتن الذي انطلق منه ، والذي يتفحص هذه القصيدة يجد ان الحب هو الإنسان والإنسان هو الحب ، بل هي بالاحرى مغامرة حرة مرسومة من لدن الشاعر بشكل تخميني ، فيبدو شاعرنا سار على نظرية من سبقوه ليؤكد لنا عبر قصيدته التي انطلق منها " مريم "وكأن لسان الشاعر يقول للجميع " أنا أحب أذن أنا موجود "
ولو نستذكر الشاعر " عنترة بن شداد " وهي يتذكر محبوبته " عبلة " ويضعها في الذات التي تتحمل عذاباته ، والتي لايمكن تلمس السبيل إليها الإ لدى من يمتلك قلبا يتسع بحبه للجميع ، وحتى يكون الغزل في هذه الدائرة الفلسفية التي ننطلق منها عبر قصيدة الشاعر " سعد " والتي تحولت المرأة من خلالها إلى رموز وإشارات ويتمثل في ما يعتمل قلبه ، من ورؤى وقضايا وأسئلة حارت بها الكثير من العقول .
فجاء الشاعر وبقصيدته المعنونة " مريم " ليقول كلمته عبر البوح الداخلي الذي رسمه وهو يجد عالما يعج بالحركة ويضج بالصراع .
حكمت وما عدلت حكومة ظالم
ومضت على نهج النسا تتظلم
وللتاريخ امكنة تقيم فيك وكذلك تسكنك ، وهي بهذا تخلق العاطفة القوية بين شاعرنا ومانسجه من قصيدته كي تكون وصلا بينه وبين الحياة ، فجميع الأسئلة الكثيرة في كل العصورالتي تشكو ألم الفراق وهي تحيا في الوجدان تبين مدى الفوارق بين الشعراء الذين مارسوا قيم الحب السرمدي . واختلفت المعايير وفق محتوى القصيدة التي إنطلق منها الشاعر " ياسر " أو لنقل بين شاعر وآخر أراد البقاء في مخيلة من حاول التغلغل إلى أعماق حبيبته التي ظل يناجيها .
ملكت َ على قلبي المذاهب َ مريمُ
وتملكت بمشاعري تتحكم
وللتاريخ نقول ان معظم الشعراء الكبار لهم اقامة خاصة ومميزة ومتفردة في سماءالذات التي لها أشكال وجودها المتعدد ،وكينونتها المتجاوز للوحدة ،وهي بالتالي تأخذ مناحي مختلفة ومتفردة ، ولها من الخصائص التي تثير في ما وراء البشرية .
فكأنما افلتوا من شرط البشر بمعجزة من المعجزات ،ولأن الشعر كما أكده من سبقونا هو عبارة عن عربة ناقلة لرسالة وكذلك هو الكشف عن أرحب مضمون انساني لهذه الرسالة من خلال الحالة المدروسة كما جاء في عتبة النص الذي أراد " ياسر " ان ينطلق منه ويضع بصماته الإنسانية التي تزود منها وشكلت له تلك الحبيبة المسار الأول في حياته الصارخة بالطمأنينة في القلب وقوة في نفسه ، وإلى التفكير في استخدامات طاقات عقله وذكائه في توضيح سرهدفه الذي يبوح به بهذه القصيدة .
إن قلتُ " يامريوم ُ" مالكِ كلما
أقدمت أقص عن عُلاك ِ وأرجمُ
هذا التعالي منكِ باعد بيننا
قالت هوانك في هوانا سلمُ
ان هذه التخيلات التي سجلها الشاعر عبر قصيدته " مريم " والتي تهدف عند التحليل الأخير إلى ان يكوّن الإنسان لنفسه صورة واضحة ومعلومة عن هدفه الذي ينشده هو بالذات ، عبر آليات عديدة ومنها تفهمه تفهما ً أفضل وأدق لما يريده وينشده وان يحاول ان يجعل من محور حياته كلها تأمل ساكن وذلك لما يحمله من تفرد شكلي ،وهنا ومن خلال هذا النداء الروحي المتعلق بشاعرنا " سعد " والذي أراد رفع شعور الخوف الرهيب الذي يحاصره من الوحدة ، فهو جسد نظرية عدم الخروج بلا رفيق أو خل ٍ في هذه الدنيا وحتى يؤسس بيته الدافئ عبر حياة عائلية يبتغيها كل شاعر أو مغرم بحبيبة .
قالت هوانُكَ في هوانا سُلمُ
فاركب صليبكً وأت ِ جلجُلة ً الهوى
واصدح بأعلى الصوت ِ إني مجرم
وراكع على اعتاب قلبي تأئبا ً
فلربما رق الفؤاد ُ المغرم
وهنا نؤكد ان شعر الغزل بوصفه فنا قديما وأصيلا وهو من فنون الشعر العربي ، وهو التغني بالحبيبة ويعبر عن الشوق إليها ، وبغض النظر عن تلك الفئة من البشر فهم يتواصلون بهذه المحاولات بإعتبار الشعر الحقيقي الذي يزداد ايقاعه وصداه عمقا ً كلما تكونت نظرة جديدة عن هذا الكائن الإنساني الذي يضع ذاته في رؤاه الشعرية .هذا البحر الهادر من النصوص والشعراء على اختلاف الشعراء وعصورهم ظلوا يدورون في التأويل المحدود والمفهوم المحدود لهذا الفن الشعري وعلى الشعراء ان يكونوا مرايا منتجة تمكنهم من الانعكاس فيها أكثر مما تمكنه آي مرآة أخرى .
جازاك ربك ما جنيت لأشتري
بمذلتي إشفاق قلبك مريم ُ
بقى ان نذكر ان الشاعر ياسر سعد اصدر العديد من الدواوين الشعرية ، وهو يكتب الشعر العمودي ، وقصيدة النثر ، وكان قد شارك في العديد من الأمسيات الشعرية في ولاية ميشيغن ، ومن اصداراته الشعرية " خوابي الحنين " و " أصداء من خلف الشريط " وغيرها .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق