منذُ تلك اللافتةِ التي حَملها
رفاقُكَ المناضلون
لم أرَ نعياً آخر
في ( شبيبة ) العراق
ولا في اتحادِ الطلبة ،
ما كانَ عيدٌ للعمالِ
أنتَ صريعٌ لم تفتحْ لهم أبوابَ آيار ،
فمنذ ذلكَ اليومِ
لم أقرأ في (طريق الشعب)
خبراً عن حادثٍ مؤسفٍ
أو موتٍ سريع ،
ومن تلك الخيمةِ
لم أتروِ دمعاً
طالت أو تعددت أيامُ عاشوراء
كؤوسُ النحيبِ ألذُّ من بقايا عسلٍ
معلقٍ في أطرافِ الأصابع ،
وإن ألقى إليوت إلياذته
في نهرِ دانوب ، لم تنفعني أخبارها
لأنّكَ يا جبارُ ملحمةٌ خالدةٌ
تدثرني أثناءَ قشعريرةِ الغربة ..
حين غادرَ الغيثُ هذا البلدَ
لم نرقبْ للبرقِ أثرا
لكن اتمتعُ بومضاتٍ تخصك
ما ابهاكَ ، أنتَ في الدفاترِ وهجٌ دائم ،
تغيرتِ الأحوالُ وسارَ بنا المغيبُ
نحو تاجٍ مهيب
يا ترى من يرتديه غيركَ يا ملكَ زماني ..
هرمَ الدّمعُ كادَ أن يكونَ مثل الحَجر
في بستانٍ مهجور ،
هنا … هنا تفرعتِ الشجرةُ الطيبة
وجذرُكَ ثابتٌ كأنّكَ أساسُ الحقول ..
شاختِ -يا جابرَ القلب - المراثي
ولم تسكتْ نبرةُ القوافي في نصوصٍ
طبعتها المقبرةُ مراتٍ ومرات
فأصبحَ الترابُ يتلوها عن ظهرِ قلبٍ
بينما لكَ أشكو ضحالةَ السرورِ ..
أنتَ أطلسُ الحزن
مرسومٌ فيكَ تضاريسُ القهر
كلّما اشتهت الأمهاتُ للبكاءِ
تذكرنّ قميصكَ المسجى
على دكةِ طبابةِ العدل ،
أمسى في كفنِك الموتُ باليا
الليالي تعزفُ لحناً جنائزياً
يبدو مشروخاً في هذه الأيام
من الأعلى إلى الروح ..
أجبرتني الدنيا
أن اتنحى عن أسمى رفقةٍ وأحلى سفر
لا ليلةَ كليلتك ولا عمرٌ كعمرِكَ المنقوصِ على عجلٍ
أشعرُ كلَّ شيءٍ يحتاجُ لطولِك الوارفِ ..
من أواخرَ نيسان تبدأ التقاويم
أما الربيعُ انتهى وولى عبيرُ الورود
حتّى يخضرَّ قبرُكَ بينَ عشبِ الخلودِ ..
بقيَ اسمُكَ يرفرفُ على حبلِ قصائدي
لم … ولن تجفّفه الرّيحُ
مبلّلٌ هو الرثاءُ في مراتبِ المنصاتِ ،
عجباً هل توقفَ طيفُكَ
ولم يجرِ في دجلة
فأعرفُ أنّكَ يساريٌ في اللّحدِ
لا تؤمِّنَ بالفناءِ والعدم ،
أنا المطرودُ من طعمك ،
تدورُ رائحتك في راحتي ، ما باليدِ حيلةٌ
لونكَ الأحمر من دونِ منجلٍ
-جبار*-
متى تدقُ المطرقةُ اسمي بجوارِ اسمكَ المخلد ..
البصرة / ٢٤-٤-٢١
*جبار = أخي الوحيد طالب في المرحلة الثالثة كلية الزراعة جامعة بغداد
توفي في حادث سيارة على طريق بغداد- ميسان مساء ٢٩-٤-١٩٧٦..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق