
أنا الشّاعرُ، ثروتي قصائدُ تفجّرُ الينابيعَ فرحًا، تنير المعابرَ مقتصّةً من خارطةِ اليقينِ مهازلَ وديانِ الشكِّ.
أنا الشّاعرُ، بالقصائدِ وحدَها أنعشُ قلوبًا تكادُ أن تتوقّفَ عنِ الخفقِ، قصائدُ ترمّمُ تشقّقاتِ الشّفاهِ الباحثةِ أبدًا عن ترياقِ المحبّةِ والعدلِ والتّسامح.
أنا الشّاعرُ، قصائدي إكسيرُ الحياةِ، فلا تستغربْ إن تتبّعتني الحجارةُ كي تتباركَ بلمسةٍ من أكفّ قصائدي حتى تلينَ، فإن لامستْها استحالتْ إلى طيورٍ وفراشاتٍ، أو تشكّلَ منها عقدٌ تزيّنه لؤلؤةٌ محارتها أمست صومعتي المكلّلةَ بوهجٍ لا يخبو.
أنت المُدمَّرُ المُحبطُ، تعالَ رتّلِ القصائدَ لعلّها تمنحُكَ تأشيرةَ عبورٍ إلى عالمٍ روحيٍّ، أنت العابرُ دوما إلى قارّاتٍ من علقمٍ، رتّلِ القصائدَ لتعبرَ حينها إلى قارّاتٍ من سكّرٍ.
أنتَ المتقوقعُ خلفَ هامشِ خطّ البؤسِ هل ترى سُرادقَ العزاءِ التي لا تفارقُها حتى تزورَها، اهدِها قصيدةً وإن كانتْ في الرّثاءِ، حتما بها ستستكينُ اللواعجُ وتهدأ الآلامُ.
وذاك المنكوبُ المتربّعُ على عرشِ قارعةِ العدمِ، اتلُ عليهِ قصائدَ الحياةِ، سيتعلّمُ منها كيف يشقُّ صدرَ المعجمِ ليستلَّ منه كلمة يأسٍ، سيتعلّمُ أن يرى بعيني بصيرته، سيتنشقُ من الحروفِ عطرَ الحكمةِ، سيلمسُ بيديهِ نداوةَ الفكرِ، وسيدركُ بكلِّ حواسّهِ أنّ السّجنَ ليس بجدرانٍ أربعةٍ وليس ببابٍ حديديٍّ موصدٍ، وأنَّ بالقصائدِ وحدَها يمكنهُ أنْ يحلّقَ طليقًا بأجنحةٍ لا تتكسّرُ حتّى وإن كان بالأصفادِ مكبّلَ اليدينِ والقدمينِ.
ياسحابة المطر....
أحتويني بحبك
ورحمتك،
وأغدقي علي بقطراتك،
وأسقيني رحيقاً وعسلاً
ما كتبه الصديق مصطفى القرنه عن كتابي "إضاءات على رواية المعتقلين الأدباء في المعتقلات الإسرائيلية"،
في "إضاءات على رواية المعتقلين الأدباء في المعتقلات الإسرائيلية"، يقدم الناقد الفلسطيني رائد حواري دراسة نقدية غنية تتمحور حول تجربة الأدباء الفلسطينيين الذين عاشوا داخل السجون الإسرائيلية. الكتاب ليس مجرد تحليل لأعمال هؤلاء الأدباء، بل هو أيضًا بحث في عالم الرواية الفلسطينية بشكل عام وكيفية انعكاس واقع المعتقلات على الأدب الفلسطيني. يعتمد حواري في دراسته على المنهج التحليلي الوصفي، مما يساعده على تقديم رؤية شاملة عن كيفية معالجة الأسرى الفلسطينيين لقضاياهم السياسية والاجتماعية داخل السجون.
المنهج التحليلي الوصفي: أداة لفهم البعد الإنساني
يبدأ حواري دراسته بتحليل الأدب السجني الفلسطيني من خلال التركيز على الأسلوب الذي يستخدمه الأسرى الأدباء في التعبير عن معاناتهم وآمالهم. يتبع حواري منهجًا تحليليًا وصفيًا يجمع بين تفكيك النصوص الأدبية والوقوف على معانيها العميقة. هذا المنهج يعكس قدرة الأدباء الفلسطينيين على استخدام الأدب كأداة مقاومة، وتوثيق لواقع الاحتلال وظروف السجن التي يعيشها الفلسطينيون. حواري لا يقتصر على وصف الأحداث بل يذهب إلى ما وراء النصوص ليفكك الرموز والأساليب التي يستخدمها هؤلاء الأدباء لتقديم صور متعددة للمقاومة والصمود.
الأدب كسلاح في وجه القمع
ما يميز الكتاب هو كيفية تصوّر حواري للأدب كسلاح يستخدمه المعتقلون ليس فقط لرفع الصوت في وجه الظلم، بل لتوثيق تجربة فلسطينية تتخطى السجن إلى العالم الخارجي. فالأدب هنا ليس مجرد شكوى، بل هو وسيلة لتحويل الألم إلى نص مقاوم يحيي الذاكرة الوطنية ويسهم في تشكيل الوعي الجمعي للفلسطينيين. تتطرق الدراسة إلى الأساليب الروائية التي يعتمدها الأسرى الأدباء في سرد قصصهم، ومنها أسلوب الاسترجاع والرمزية التي تظهر من خلال اختيارهم للكلمات والتفاصيل الصغيرة التي تحمل دلالات سياسية واجتماعية عميقة.
الصراع الداخلي والخارجي في النصوص السجنية
يشير حواري في دراسته إلى أن أدب المعتقلات لا يقتصر فقط على تسليط الضوء على معاناة المعتقلين داخل السجون الإسرائيلية، بل يتجاوز ذلك ليعكس صراعًا داخليًا مع الذات، إذ يجد المعتقلون أنفسهم في مواجهة مع أفكارهم ومعتقداتهم، فيما يشكل الاحتلال وجبروته العدو الخارجي. من خلال هذا الصراع المزدوج، يطرح الأدباء الفلسطينيون أسئلة حول الهوية والانتماء والحرية، مما يجعل من النصوص الأدبية سجلاً حياً للمقاومة، ليس فقط ضد الاحتلال، بل ضد كل أشكال القهر والظلم.
تميز روايات ادب المعتقلات الفلسطينية
تعكس الروايات التي يدرسها حواري جوانب متعددة من تجربة الأسر، مثل الإضرابات عن الطعام، والمحاكم العسكرية، والعلاقات الإنسانية التي تنشأ داخل الزنازين. الكاتب يبرز قوة الروايات في استخدامها للخيال الأدبي رغم القيود، حيث يكتشف القارئ كيف استطاع هؤلاء الكتاب تحويل الحياة داخل السجن إلى مادة أدبية غنية تتميز بالإبداع والجمال، بينما تحافظ على الأبعاد الإنسانية.
التحديات في كتابة الأدب داخل السجون
إحدى أهم الإضاءات التي يقدمها حواري هي الصعوبات التي يواجهها الأسرى الأدباء في كتابة رواياتهم، بدءًا من منع أدوات الكتابة وحتى التهديدات من قبل سلطات السجون. ولكن، رغم هذه التحديات، يظهر الأدباء الفلسطينيون قدرة على الانتصار على القمع والضغوط النفسية عبر تحويل سجونهم إلى مساحات للإبداع. يكشف حواري عن التقنيات التي يعتمدها هؤلاء الكتاب للتمرد على الرقابة، مثل الكتابة المتخفية أو التلميح إلى معاناة الشعب الفلسطيني بطريقة مشفرة.
من خلال "إضاءات على رواية المعتقلين الأدباء في المعتقلات الإسرائيلية"، يقدم رائد حواري دراسة نقدية مهمة لا تقتصر على تحليل النصوص الأدبية، بل تفتح أفقًا لفهم كيفية تأثير السجون على الأدب الفلسطيني. الكتاب ليس مجرد دراسة عن الأدب السجني، بل هو إشادة بالقوة الخلاقة التي يمتلكها الفلسطينيون في تحويل الألم والمعاناة إلى أعمال أدبية تتجاوز الحدود والموانع. في النهاية، تعد هذه الدراسة بمثابة شهادة حية على قدرة الأدب في مقاومة الاحتلال، وصورة حية لمجموعة من الكتاب الذين تمكنوا من تحويل السجون إلى فضاءات للأمل والحرية.


يَا كَأْسُ مالَكِ في رَجْعٍ وَتَلْوينِ
وَتَرْقُصِينَ بِسِحْرٍ راحَ يَغْويني روحٌ بخِفَتِها أَذْكَتْ بنا طَرَباً
وَاسْتَوْثَقَتْ رقصاتٌ عِنْدَ تَهْجينِ
لا يَصْمِدُ الهمُّ في سَرَّاءِ خالِبَةٍ
لا عَقْلَ يَحْمِلُهُ بَلْ قَلْبَ مَجْنونِ
وَنَشْوَةٌ مِنْ قَدِيمِها كَأَنَّكَ لا
تَفيقُ إلَّا بِشَدْوٍ في التَّلاحينِ سُلافَةٌ مُزِجَتْ أَلْوانُها ألَقاً
كَأَنَّها هالَةٌ في كَفِّ آمونِ
أَوْ شَعْلَةٌ حَمَلَتْ تأْريخَها عِبَراً
مِنَ العَتِيقِ شَرَابٌ مِنْهُ يَرْويني ولا بِبابِلَ مِنْ سِحْرِ الجَمَالِ بها
وَلا النَّواسِيُّ في بَغْدادَ يُدْنيني
وَصْلٌ تَقَدَّسَ بالطَّقْسِ المُهيبِ فَما
بمثْلِهِ قد دَوى سمْعَ الفراعينِ
في كُلِّ عَطْفٍ لَهُ الآياتُ مُبْهِرَةٌ
حازَ الجمَالَ لَهُ حِكْراً بِتَكْوينِ
حَتّى إذا طافَ بالكأْسِ المنيرَةِ كال
بَدْرَيْنِ في الأَرضِ طافا بالدَّهاقين
صَفْراءُ أَغْنَتْ مَطاليباً على سَبَبٍ
فالعَيْشُ مَنْبَسِطٌ مِنْ غَيْرِ مَمْنونِ
فَكُلِّ شَيءٍ بما شِئْنا يصارُ لَنا
حتّى بِما لَمْ نَشأْ أَمْلَتْ بمَضْمونِ
يُسْراً بصَرفِ صَريحٍ كانَ مَشْربُها
مِنْ غَيْرِ مَزجٍ فأغْنَتْ كُلَّ مسكينِ
إِلَّا برَشْفِ رِضابٍ بَعْدَ رَسْفَتِهِ
أُسْقى الشّهادُ ضروباً في العَناوينِ
َوَأَرشفُ الفاهَ ضَمْآناً وَمِنْ فَضْلَةٍ
في كأْسِهِ لاحَ بَيْنَ الحينِ وَالحينِ
لا نَتْركُ الكأْسَ فيها فَضْلَةٌ أبَداً
نُسابِقُ الرَّشْفَ في تَرْكِ القوانينِ
فَتارةٌ صَخَبٌ مِنْ بَعْدِها نُظُمٌ
تِلاوَةٌ بَيْنَها رِجْسُ الشَّياطينِ
أَنْتَ النَّديمُ وَأَنْتَ الخافِقانِ وَمَنْ
أَطاحَ قَلباً وَمِنْ أَغْصانِ زَيْتونِ
أَحبَبْتُ فيكَ حياةً قَدْ أَضافَ لها
الوجودُ وَابْتَهَجَتْ صَهْباءُ مَحزونِ
فأَصْبَحَ العُمْرُ ذا حَفْلٍ أُحايلُهُ
وَحَيثُ أَنَّكَ دُنْيا غَيْر ما دونِ
مِنْ نَرجسٍ نَفَذَتْ رَشْقاتُ أَسْهمِها
لقَلْبِ عاشقِهِ مِنْ غَيْرِ تطعينِ
عَيْنُ الجآذرِ إنْ رامَ الرَّنا شَزَراً
أَوْ مُدنفٌ كانَ بَيْنَ الشَّدِّ وَالّلينِ
الدِفْءُ في الخَدِّ مِنْ نورٍ وَمِنْ أَلَقٍ
زانَتْ بِبَعضِ شُعَاعٍ في الموازينِ
وَاسْتَنْفَرَتْ مُلَحاً في وَجهِ صاحبِها
سُلافَةٌ وَزها مِنْها بتَزينِ
لَحنٌ بقولِكَ لا لَبْسٌ بفطنَتِهِ
أَبْلَغْتَ مَعنى كَلامٍ بالمَضَامينِ
فَكَمْ بلَحْنِكَ لَهْوٌ كانَ فاجئةً
وَصِدْفَةً كانَتِ الأَحلى بِمَكْنونِ
وَكَمْ تَناغَمَتِ الَّلفْحاتُ في نَسَقٍ
تُديرُها رَغْبَةٌ كانَتْ بِلا دينِ
فَلا انْقضاءٌ بُعَيْدَ الوَصْلِ أَغْمرُهُ
ذِكْرى الدَّلالِ بروحِ الوَصْلِ تَطويني
عِشْتُ الجَمالَ بجَنْبٍ خابراً وَلِهاً
وَكُنْتُ قَبْلاً بحِسٍّ لا بتَعْيينِ
يا سَيّْدي وَمَليكي عِزُّها لَقَباً
أَيا حَبيبي وَلا مِثْلَ السَّلاطينِ
فَالأمْرُ أَمْرُكَ بالحُبِّ المَليكِ فَما
مِثْلَ الهوى مارِدٌ في حُكْمِ مَفْتونِ

ضاعَ الجنونُ ،يتخطَّى مصيرَهُ ،
ليلي كانَ هناك ،يتمشّطُ جدائلَهُ،
أيُّها القمرُ كنْ لي شاهداً، أمامَ حروفي ،وجهُها الشمسُ ،يفتحُ بابَ الفجرِ ،تتدلَّى أحزاني كغصنِ شجرةٍ ،لا شَفَقةَ أمامَ المرآةِ ،تكتحلُ عيونُ اللهفةِ ،
بهمسةِ وداعٍ ،قلائدُ الحبِّ تقطَّعتْ ،تناثرتُ من فرطِ أحجارها ،ليلي دموعٌ ،رسمتْنا الأقدارُ نجوماً للسَّحرِ ،سنواتٌ تنتهي ويكونُ اللقاء ،أيُّ مساءٍ يمضي ؟الأماسي موانئُ الحبِّ ،
ضفتّي ضياعٌ ،ليلاي ،!رمالُ صحاريك ودماءٌ،أيُّ جنونٍ يعبثُ بي؟ ،ثيابي والريحُ مهترئاتٌ ،تمزِّقني سحابةُ وجدِك ،تبلِّلني أمطارُك ،تقفُ الأحزانُ عندي ،واحةُ رؤياك سرابٌ،ظمأي يأخذني ،أنتظرُ موتي.
8/ 1 / 2018

على قميصك القديم-
رذاذ عطر معتق،
من زوايا البيت !!
جلال ابن الشموس /العراق
{الشاعرة بتول الدليمي وشخصنة الأم البطلة في قصيدتها هذيان الأمنيات}
الأشتغال والبناء القص/ملحمي هو ما بنت عليه الشاعرة البارعة بتول الدليمي لتجعلنا امام صوت واحد يجسد حديثها عن بطل واحد او بطلة واحدة وهي الأم لتكون الشاعرة صدى لصوت او كما أسمته {هذيان}
حين كنت أغسل
النهر بدموعي
كانت أمي تقف
على حافة الحلم
هذا التوغل بين {الذات{حين كنت}وبين الشخصنة للأم {كانت أمي} بين كنت وكانت هناك تفاعل {تقف} هو تفاعل أنفعالي لتحديد الاثر للشخصية المؤثرة في الخطاب التصويري للحلم الذي تقف على حافته تعدد متتاليات الحزن{أغسل النهر بدموعي} واثقة بالأم البطلة المنقذة/
عيناها ترنوان إلى السماء
تدعوان بهطول المطر
المستكملة للشرط بالدعاء الذي هو أستعانة أخرى وأدات من أدوات شرط الأستجابة وكان المعبر عن الحالة {عيناها /تدعوان} هذا النفس التوصيفي لمصدر القوة عند البطلة الأم التي أوقعتنا بتأثيرها من خلال تكثيف النقلة الحاضنة فلا سبيل غير هذا التصور عند الشاعرة بتول الدليمي وتؤكد عل ذالك بقولها//
لا سبيل للاشتياق
فكل الأبواب مغلقة
تكاد تخنق الفراغ
الذي قيده الضوء
ليمتثل لأوامري
فبدون ملامح الأم {الأبواب مغلقة}و{تختنق بالفراغ}و مغادرة الضوء عالمها لقد فسرت لنا النص لتصبح شخصية الأم فيه شخصية ملحمية كاملة لامجرد جزئة أنية تتكئ عليها لفترة تراثية من البناء لخلق الدهشة وتحقيق معاير التميز.
.
هذيان الأمنيات..
حين كنت أغسل
النهر بدموعي
كانت أمي تقف
على حافة الحلم
عيناها ترنوان إلى السماء
تدعوان بهطول المطر
ضوء يقتحم صومعتي
يطرق باب حلمي بشدة
يوقع كل الأوراق التي
تدين عذرية المساء
لا سبيل للاشتياق
فكل الأبواب مغلقة
تكاد تخنق الفراغ
الذي قيده الضوء
ليمتثل لأوامري
أصرخ علَّ الصوت
يصِل أعماق خيبتي
ويستفز الحزن
ليعلو في
فراغ الصمت ويأتيني
بكل المسافات
التي باعت ظلّي
في ليلة يسكنها
هذيان الأمنيات ..