ولكم فيها حياةٌ....
ها أنت خارجٌ من المسجدِ وقد كنتَ بينَ يدَي الله سبحانَه تؤدّي صلاةَ الفجر. ترافقك النّسائمُ، وأنتَ عائد إلى بيتِك طريّةٌ ناعمةٌ، هيَ ريحُ الصّبا تأتيكَ من الشّرقِ، لتُنسيَكَ ما يقدحَ جلدَك من حرِّ النّهار. برودةٌ منعشةٌ يقظةٌ طارتّ معها زقزقاتٌ حيّةٌ تعرفُ منها أنّ بدايةَ يومٍ جديدٍ قد لاحت.
وما بالُك وأنت في أحضانِ أشجارٍ قدِ امتدّتْ؟ ها هي العناقيدُ قد تدلّت تنتظرُ شروقَ الشّمس ليصفوَ لونُها، وتستعيرُ حلاوتَها، تنتصبُ إلى جانبِها شجرةُ الرّمان الآخذُةُ باخضرارٍ يرتاحُ له كلُّ من يراهُ مدوّرًا، ينتظرُ قيظَ آبٍ اللّهابِ ليصيرَ كوزًا أحمرَ تشتهيهِ العيونُ قبلَ الشّفاه..
ولك يا سيّدي، تلك المتراميةُ طولًا وعرضـا واتّساعًا، حبيبةُ كلِّ فمٍ ولسانٍ، كريمةٌ جوّادةٌ، والخيرُ متراكمٌ كثيرٌ.. شجرةٌ مبارَكةٌ عزيزةٌ، تُعطيكَ فتُرضيكَ. تَرمي عليها تحيّةَ الصباح، ولا تجيبُ، هي فقط بإيماءةٍ تريكَ، وقد انزاحتْ عنها تلابيبُ الفجر، وانتشر ضوءٌ خفيفٌ، إنّ على غُصينٍ أفاقَ ما تبحثُ عنه فعليك به ِ فإذا بك تراه أصفرَ يُناديك، وبلمسة له رقيقة خفيفة يصير بين يدَيْك ثم يكون في فمِك وقد بانتْ حمرتُه جذّابةً تغريكَ، هي باردةٌ كنسماتِ الصّباح، طيّبةٌ كنعمِ اللهِ ، وتقول معها حيّاك اللهُ يا شجرةَ التّين..
أمّا شجرةُ الزّيتون وقد ألقيتَ عليها تحيّة الجيرة والصّباح فتستعطف فيك أنِ انتظرْ فتشرينُ قادمٌ، وفي صفِّها تقفُُ شجرتا اللّيمون تناديان بهيبة ٍ وجلالٍ، الخيرُ قادمٌ ، فكفاك الخوخُ والمشمشُ بالأمسِ، ولك اليومَ التينُ العنبُ ، والآتي قريبٌ وبك نلتقي آنئذٍ..
وصباحكم صلاةٌ ونِعمٌ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق