في بقعةٍ من بقاعِ الغيومِ كادت أن تكون ماهرةً في التجوالِ والترحال والهطول ولو البداوة ليست من طبعها ، هي من مدينةٍ تعنى بالغيبيات ، أبان مرحلة النضوج في العصرِ الذهبي ، كانت من العمى تفصّل ألف قميص يوسف ، ومن هيبة الموضوع تتحكمُ بأنفاسِ اليرقات وتغني بأعلى صوتٍ أمام الناي المنحني قسرا كأن لا بلابلَ في الشجر ، تشيّد من حجرِ الغربة غرفاً للوطنِ ومن ماءِ الوحدة سوراً للعسكر ، رغم أن البطن الفارغة المتخمة بالجوعِ لا تقدر على مقاومة الندمِ الذي يذوّب الذنوبَ ، من أعماقِ الوسواسِ تشدُّ على يدّ منْ يهواها قد تتبادل الأحلامَ في ساعةٍ ما ، وتدعُ البطَ المتدحرجَ نحو الجدول يعومُ مع اللهفةِ العوامة بلا منجدٍ والملك العزيز لا ينجبُ التيجان ، تعبت وارهقها النبشُ بابرةٍ ناعمةٍ عن احسانٍ موؤود بينَ مساماتِ المجدِ المتغلغلة في بقايا العرش ، حاولت مرارا أن تخلقَ جواً ملائما لاكمال البقيةِ من حياةِ الدنيا تحت سطوةِ العواصف وحلمة العواطف ، تارة تقوم بجولاتٍ حول الأرضِ المنبسطة التي يدعي بها المنبسطون وتارةً تنسى كرويةَ الهمومِ التي تدور بشكلٍ يومي نصفه نهار ونصفه تحيا بها النجوم ويلبس قناعَ الفجر هذا الغدُ المحتوم ، لغاية الآن المواقف المحتدمة تصدُّ الأشرعةَ الناجية من أمواجٍ ربّما سيكون نصفها يشبه نصفي الآخر رغم أنف الماضي وقرارات ملكةٍ تتلصّص عيونَ القرابينِ في حقولِ الذّرةِ الواقعةِ على حافةِ الاحتضار ، فالحقيقة ، رمشةٌ منفردةٌ تكفي لاعادة فلكِ الطبيعة أما طرفةُ الجفونِ تقوم بتجسير الوقت بينها وبين العبورِ إلى أرواحٍ طاهرةٍ تؤطر المقبرة ٠
البصرة / ٢٧ -١١-٢١
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق