قلتُ له : أصدق نعم … لكن لا أومن
بما تقول ، قالَ لي ذاتَ مداخلةٍ فاترةٍ :
مذ ولادتي
وجدتُ نفسي متكاملا
لا أحتاجُ إلى أنصافٍ
ولا إلى أرباعٍ ،
قلتُ له ضاحكاً :
مضروبٌ في واحدٍ
لا تقبّل القسمةَ على أصناف
إنّكَ موزعٌ على الشرائح
كلّ على رغبتك ،
قاطعني بصوتٍ باهت :
حين يراني
أحدهم طيبا يحبُّني
خُفيةً وعلانية
وأما الآخرُ يأكلني
في سّرّاءٍ وضّرّاءٍ
غنياً كان أم فقيرا ،
أردفَ وهو يمعنُ النظرَ في قميصي :
مشغولٌ دائما في التنازلِ
عن ما أملكُ لكني بخيلٌ جدا
في منحِ الكبرياءِ
ثم استرسلَ ثانيةً بصوتٍ تسمعهُ الجدران :
وجدتُ صفاتٍ تتأرجحُ معي في المهد
وأظنّها تلاحقني في لحدي ، فأنا
صادقٌ ما جنيتُ إلا خسارةَ الأصدقاء …
مجنونٌ في كتاباتي العاقلة …
محاربٌ قديمٌ رغم حروبي خاسرة …
أمينٌ لم أخنْ في الهدنةِ الحجج …
راهبٌ أقلّدُ سجدةَ الناقوس …
أبكمٌ أنادي بقلبي على الراحلين …
حاضرٌ ليس بمقدورِ الغصونِ أن تمحو ظلّي …
أعرف روحي هي تشبهُ المنطادَ المحلق
حينما أتنفسُ وحدتي في أحلكِ الظروف …
قالَ قبلَ أن يستلقي على سريره :
فقاعةٌ أدافعُ عن حقي بصمتٍ ، سأموت يوما
من دون رثاءٍ لقد ماتَ منْ يرثيني
قلتُ له كفى … كفى سوف أرثيكَ بعد موتي …
—————-
البصرة / ٤-١٢-٢١
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق