لي أبٌ تَشَاغَلَ عن عمرهِ
وهو يطاردُ لنا العتمةَ
ويغسلُ وحشةَ الدُّروبِ
بماءِ العينِ..
قالَ: خذوا عطشَ البلادِ
إلى بابِ الغيمِ ولاتُكَبِدوها
مشقَّةَ السَّفرِ..
في غفلةٍ منهُ طارَ عصفورُ الحياةِ من يدهِ..
وصرتُ يتيماً..
لي أمٌّ عاتَبتْ الطريقَ بينَ
الغربةِ وضيعتنا دهراً..
قالتْ: إنَّ أخي الَّذي تأخرَ
زارَها في المنامِ
قبَّلَ رأسَها وأعتذرَ عن الغيابِ..
ثمَّ حَزِنَ لعطشِ البلادِ
جفَّتْ أمّي وهي تسقي حبقَ المنامِ..
وصرتُ يتيماً..
لي ولدٌ أنيقٌ كخيالِ شاعرٍ على مرمى قصيدةٍ
إنْ صادفَهُ ليلٌ أبكمٌ
حَشَدَ له خيلَ ابتسامتهِ
حتَّى يَحُلَّ عقدةَ لسانهِ
نثرَ حنطةَ أيامهِ لحمائمِ الحيِّ..
وتَصَدَّقَ بأرغفةِ العمرِ لليتامى..
أَصرَّ ولدي أنْ يبقى في المقبرةِ..
وكلَّما ذَكَرَ المشيعونَ مناقبَ الشهيدِ..
يزدادُ الكفنُ بياضاً
وتنضحُ الشاهدةُ بماءِ الحياة
ِ لتشربَ البلادُ..
مِنْ يومِها والفرحُ يدقُ بابي
وأنا مَنْ أقسمَ ألاَّ يفتحَ بابَهُ
لغريبٍ..
وصرتُ يتيماً.
- .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق