حدّث حنظلة قال:
حلّ بأمّتنا وباء الكورونا، فأبى سادتُنا إلاّ أن يُجوّعونا. سألناهم بإلحاح أن يحمونا من تداعيات الجائحة ويساعدونا، فانزعجوا منّا وتجاهلونا. لجأنا إلى أصحاب المعالي وأرباب المال نتوسّل إليهم ليوفّروا لنا احتياجاتنا، ويُيسّروا كلّ طلباتنا، فماطلونا وقالوا: "إنّكم تطلبون المُحال".
عندئذ قرّرنا الاعتماد على أنفسنا، والبحث عن حلّ عادل يٌنجينا ويُنصفنا. فأقبلنا على مُرَكّب تجاريّ مكتظّ بالحرفاء، وانطلقت ألاحق صديقي مُدّعيًا أنّه مُصاب بالوباء. وطفقتُ أحذّرهم من سرعة العدوى وخطورة هذا الأذى.. ففرّ الجميع، وساد الفزع وانتشر الهلع، وتناثرت السّلع في كلّ النّواحي والأرجاء، وعمّ الاضطراب، وكثرالازدحام، وتعالت صفّارات الإنذار، وانقطع التيّار الكهربائيّ، فأصبحنا جميعا نسبح في الظلام، لا نُفرّق بين كوابيس الواقع والأحلام.. وبينما نحن على تلك الحال سمعت صديقي يناديني، فتتبّعت أثر صوته حتّى وصلت إليه وقلبي يكاد يسقط في هذا الزّحام خوفا عليه من هول المشهد وغياب النّظام، ثم همست في أذنه أن يجمع الأموال المكدّسة في صناديق الاستخلاص، ولا يبالي بصراخ النّاس.. وانْبَريْتُ إلى السّلع المتناثرة أجمع منها ما يسدّ الرّمق دون مبالاة بثقلها وتصبّب العرق. وظللت أجمع ما لذّ وطاب من الحلويّات، وما يُدغدغ الأنوف من المأكولّات.. ثمّ التحقت برفيق الدّرب ناحية الفوضى والصّراعات وأشرتُ إليه أن نغادر المكان من الباب الخلفيّ أين ينتظرنا صديقنا الوفيّ.. وماهي إلاّ لحظات حتّى اجتزنا الباب بسلام آمنين، وامتطينا السّيّارة فرحين مبتهجين بما وفّرناه من أموال ومؤونة تكفينا شرّ الفاقة بضع سّنين. فسألني صاحب السّيّارة عن وجهتنا، وكأنّه لا يعرف خطّتنا، فقلت له أطمئنه وأنصحه:
الدّنيا ساعة صفاء ..
كدّرها الظّلم وانتشار الوباء..
والنّفس تأبى الأذى..
فاختر لرزقك منهاج الذّكاء..
وتجاوز ضعفك.. ولا تكن من الأغبياء..
25 / 3 / 2020
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق