أبحث عن موضوع

الخميس، 19 مارس 2015

المحلة....................... بقلم : عباس رحيمة /// العراق




للمحلة أعمدة مغروزة على الأرصفة تلتحف الباعة بظلالها ...
إمطارها سخية ..طالما بللت عباءات أمهاتنا ... بنيت على اكتاف و عرق الكادحين
العاطلون منهم يقفون على عتبات أبواب الله...ينظرون إلى أبواب المساجد....بعيون أوشمها الجوع وهامات يغسلها المطر...أتذكر شيخا كهلا ابيض القلب...يحمل دائما نقودا في جيبه .وبعض فتات الحلوى الساقطة على غفلة من جيوب الأغنياء..كأي واحد من أبناء المحلة يطرق باب الله لتزداد الحلوى في جيوبهم ألعامرة
أما نحن صبية المحلة عندما نتعب من الطوفان بأزقتها..ننتصب بقاماتنا ننتظر شيخنا لنعطيه قلوبنا ...واكفنا الصغيرة تتسارع لتنال يديه...وقبل إن تنحني هاماتنا لتقبيل يديه يملا أفواهنا بالحلوى وأيدينا بقطع من نقود
هو احد أعمدة المحلة .........


2-المحلة
غنية لها صدى مسمار نابت بين طيات القلب
أتذكر دائما كنت أهرول حافي القدمين..عندما تعود أمي من غيابها اليومي القصير
في كل صباح....وهي حاملة (زنبيلا) مليئا بما رزقنا الله...او ما جناه أبي بالأمس من عرقه المتساقط
مهرولا ارتمي باحضانها لاحضو بقبلة قبل إن يسبقني إخوتي النيام تحت ظل شجرة الدار
نيام ينتظرون (السياح والبيض المقلي)


3-عندما تركلني الغربة وآمن على سريرها متوهما انها السعادة
حينها أتذكر مرجوحة البيت ومواويل الأمهات...والعصافير تنام قيلولتها
على سعف النخيل ...خلف الدار ...ينام نهر صغير ...وبجانبه كلب يلهث من حرارة شهر تموز
ناظرا لي بعينين كفصوص من ثلج...جمدتهما لأيام .. أتتبع النهر مسترسلا بأحلامي
أتعرى من همومي الصغيرة قبل إن اخلع ملابسي أبدو كعجينة من طين ...او كما خلقني ربي
لاقيا جسدي بنهر ..تستريح على ضفافه شجرة تتناسل عليها العصافير ,,,,
تعلمت منهم كيف أشدو لمراهقتي ...وكيف أطارد خطوات الصباح إلى محطة لباص
لاشتم عبق الطالبة ,,ليروى شبقي...

4-....كان وحيدا يجلس على صخرة .ينتظر المساء بعد مشوار النهار الطويل
وطوفان حول بيوت المحلة ...ليتسنى له شبح الليل.وبدء المسرات
على هذيان. وأصوات مصحوبة بقهقهات عالية
ربما الوحيد ..الذي يسكن في كوخ من صفائح معدنية
الديه أصحاب أو عشيقه|؟
وكثيرة هي الظنون التي تراود صبانا..
طالما نفزع مهرولين بعيدا من بيته
قبل إن يحل الظلام خوفا من عشيقة له من الجن وأطفالها ان يلحقوا بنا فيمسنا الجن..نتبعه في النهار لنستفز صمته بالحجارة ..وهو يسحب حماره المربوط بعربة النفط لتشعل الفوانيس
ويضئ الليل..بينما يطفئ فانوسه..ليضئ لنا...وأكراما منا نتركه وحده في الظلام
ليتمتع بصحبته......


5-....السورة الوحيدة التي كان يرددها في مآتم عزائنا المستمرة
كأنه يلقي ظلام من عينيه في غياهب الجب..يندر بحنجرة صوته ....ليروي لنا
وحشة يوسف وانتظاره المفزع ......لعل سيارة تنتشله خارج عماه...وهذا محال..أن يرى
الوجوه الحزينة ... الوجوه الواجلة....وهي تستمع إليه بصبر وتأن .. قلوب تنتظر نهاية يوسف
كيف تكون ومن ينتشله من غياهب الجب.... ؟


6-...وكأي فتى من فتيان المحلة
أزهو بعضلاتي ......انتظر مراسيم عاشوراء ...أجاهد نفسي ...كل يوم اربي فحولتي
تحت قميصي مثل شتلة ظل في بيوت الأغنياء...ازرع عضلاتي...متضرعا بصبر موسم الزهو عاشوراء .. اخلع قميصي ..لتزداد وسامتي ...احصد نظرات الفتيات...ولهفتهن شبقا وحسرة يتساقط الدمع على الوجنات حزنا واسى... وترتفع الكفوف تضرعا طلبا للأجر والثواب ........


7-...المحلة نكهتها كأحزانها
أتذكر مدرس التاريخ ..مارس فحولته ..وهو يحلم بامرأة تحلب له لبن العصفور
مسمرا قامته خلف رحلة الصف الإماميه وهو يشرح الدرس
خوفا من صاحبه المختبئ تحت طيات سرواله ....
يرعب التلاميذ ...طالما داعبه في الليالي عزلته ...حتى أصبح كخرطوم فيل
ينتظر من تحلب له لبن العصفور


8-..ساكنو بيوت الطين الراقدة على ضفاف النهر
تعوم على سطحه صبايا المحلة..ليغمدوا حرارة الصيف واللهيب الصاعد من إقدامهم العارية
ليروي الظمأ والجوع في النهر ليعيدوا دورة الحياة ..مرة اخرى...ويوقضوا ساكنيها من القيلولة
بقهقهاتهم ... بينما سكنى الصرايف ...ينثرون الحكايات عن (عبد الشط)وكأي مناد يقرأ مرسوما من الخليفة.... كانوا يعلنون عن اسم الكبش القادم فداء العبد الشط...
فيرددوا اسماء الصبية.. ليفزعوا الصبايا هربا ليدعو همهم يتمتعون بسباتهم الطويل


9-..الصبايا .الفقراء يعشقون إحزانهم
نجمع ما يعطينا اياه الشيخ وأمهاتنا..من قطع النقود ...ليتسنى لنا شراء بطاقة سينما
لنشاهد غراميات (ودراما حزينة)..عن اخ يفقد أخيه بعاصفة ينشطر القطار نصفين .وتذهب كل عربةإلى ناحية معاكسة وبعيدة عن الأخرى
فيكبر الإخوة غرباء أملين إن يلتقوا ... كنا نعبر الجسر الخشبي إلى سينما النصر
لنرى ضالتنا ونذرف الدموع الضامرة في مقلتينا..على( دراما هندية)
وخوفا من فتوة المحلة المجاورة ليذيقونا عذاب ما ذاقوه بالأمس من أشقياء محلتنا...الماجدية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق