أبحث عن موضوع

السبت، 21 مارس 2015

العاشقان ( قصة قصيرة ) ................... بقلم : عدلي شما /// فلسطين




كان صباحا سيئا ، استيقظت متثاقلا والمغص يقطع أمعائي ، كنت اعض على شفتي لتخفيف الالم الا انني صممت على مقابلتها ، لا أمكن ان أضيع فرصة انتظرتها سنة كاملة
حلقت ذقني ، بدلت ملابسي وقد جاهدت للعثور على هندام يليق بهذا الحدث ، اغرقت نفسي بعطر رخيص اشتريته من سوق المدينة الشعبي
يا الهي ، ذكرني هذا العطر بالذي سكبناه على جسد جدتي قبل تكفينها ، عطر اموات ، غادرت البيت محوقلا ومحاولا ان انسى الم المغص
الشارع مبلل زلق تلمع على ارضيته بقايا امطار صباحية ،
في احدى الزوايا تكورت امرأة مسنة ملات التجاعيد وجهها وقد فرشت أمامها منديلا قذرا وضعت على اطرافه بعض الحصى حتى لا يطير مع الريح ، نظرت للمنديل كان فارغا الا من الحصى
أسقطت فيه اصغر قطعة نقدية وجدتها في جيبي
تلكأت قليلا كي اسمع تلك المرأة تدعو لي بطول العمر والرزق الوفير كعادة المتسولين الا انها لم تفعل
راودتني نفسي ان استرجع نقودي الا انني عدلت عن ذلك وركلت اول كرتون فارغ صادفته في طريقي
انت عجوز شمطاء قليلة الادب ، اول مرة ارى متسولا قليل الادب
عضني الجوع حتى كدت أصرخ من الالم فدلفت الى اول مطعم وقعت عيناي عليه
كان مطعما قذرا تجمعت القطط بين ارجل العاملين تتلقف ما كان يلقى لها مما يتبقى في الاطباق
حدقت في الرجل الاصلع الذي كان يصنع الساندويشات ، يا الله كم هو قمئ ، كان الشعر يبرز من انفه واذنيه ، كان يتمخط كثيرا بفوطة يلفها على وسطه وكان يبصق كثيرا في نفس الفوطة التي غطاها الذباب
قرف ! ، غادرت المطعم ولم آكل شيئا ، لكن الجوع امعن في تعذيبي فاسكته بان أشعلت سيجارة نُفثت دخانها في وجوه المارة
ولكن اين فتاتي
قالت انها ستنتظرني امام دكان لتصليح الهواتف ، قالت لي انها سوف تلبس بنطالا من الجينز وتي شيرت ابيض مكتوب عليه I love you
كنت وجها لوجه مع صبية جميلة تلبس بنطالا من الجينز وتي شيرت ابيض ولكنه يخلو من الكتابة ، كم تمنيت لو انها هي ، كانت جميلة ، جميلة جدا
حدقت في ما تلبس لعل هناك كتابة ، استهجنت الفتاة نظراتي الوقحة ورمقتني بنظرة قرأت فيها كثيرا من الشتائم والاحتقار
عندما كنّا نرددش على النت كنت اتوسل اليها ان ترسل لي صورتها ، كانت تقول لي لا تتعجل يا حبيبي ستراني شحما ولحما ، اطعتها ولم اتعجل
يهيأ لي ان هذا الشارع أطول شارع في العالم ، كنت أمشي وأمشي ولا نهاية
كنت امشي واركل كل ما يعترض طريقي ، ركلت اشياء كثيرة ، علبَ مشروبات غازية ، كراتينَ فارغة ، فأرا ميتا ، علبَ سجائر ، حفاظة اطفال قذرة
لم استطع ان اتخلص من هذه العادة التي بدأت ممارستها منذ الطفولة ، كنت مهووسا بركل الاشياء حتى ان الناس كانوا يلقون امامي اشياءً كثيرة كي اركلها ، كنت افعل ذلك بزهو وهم يضحكون
مرة اخرى يعضني الجوع ، لا بد ان اسكت هذه الأمعاء المسكينة ، توقفت امام اقرب كافتيريا ، تناولت على عجل ساندويشاً لا ادري ما بداخله ، لم انظر الى صاحب المطعم كي لا ارى شعرا في انفه واذنيه
كدت ان اتقيأ عندما تخيلت ان هذا الساندويش محشو بالصراصير ، القيته امام اول قطة صادفتها
اقتربت القطة منه بحذر شديد كأنها تقترب من قنبلة ، اشتمت اللفافة ولم تأكلها ، بحلقتُ في القطة النحيفة ، بحلقتْ بي ، بصقتُ عليها وركلتها في بطنها بقوة
اين فتاتي ، اين دكان الهواتف المتحركة
عندما رفعت راسي فجأة ، اصطدمت بلوحة صدئة تعلو دكانا صغيرا .. ( محل الامل لتصليح الهواتف المتحركة ، تصليح كافة انواع الهواتف ، بيع وشراء هواتف مستعملة )
وعلى زاوية الدكان وقفت امرأة قدر لي انها اربعينية ، امرأة قبيحة كثة الشعر تلبس بنطالا من الجينز وتي شيرت ابيض ، صدمني ما كان مكتوب عليه ، I love you ، كدت ان اختنق
دققت في المرأة ، عيناي غائرتان ، وجه مستطيل عظامه بارزة ، سيقان نحيلة كانها اعواد من القصب ، في وجها انف ضخم ذو فتحتين كبيرتين كانهما ثقبان للنمل ، يهأ لي ان هذه المرأة خارجة من القبر
قررت ان أخوض المغامرة حتى نهايتها
اقتربت منها بحذر كأني اقترب من كلب عدواني
صباح الخير ، هل أنتِ ...
ردت بصوت أجش كأصوات الرجال ، صباح النور ، هل أنتَ ..
حدقتْ في وجهي طويلا ، تسارعت دقات قلبي ، خفت كثيرا ، خيل لي انها ستخنقني ، ثم سالتني ثانية ، هل أنتَ ... ، حسبتك شابا وسيما ، لم أكن أتخيل انك بهذا القبح ، الله يلعن النت اللي عرفني على أشكالك ، ثم انطلقت راكضة وهي تشتم
ضحكتُ ثم قهقهتُ بصوت عالٍ حتي ظنني المارة انني جننت
فعلا الله يلعن النت
- انتهت -

( عدلي شما ) 20-3-2015

هناك تعليق واحد:

  1. تحية طيبة.. ارى ان القصة تقيم الحياة باجمعها من خلال قيم جمالية يظن الانسان انها مقياس عادل للحكم على انسانية الآخرين، هذه القصة تقوم على فكرة ان الحب، او اية علاقة تقام بين اثنين هي تحت سلطة القيم البشرية الخاصة بالمظهر العام......ام انها رفض لهذا التقييم؟؟؟؟.......لقد رفض بطلا القصة بعضهما استنادا على كيف يبدون شكلا.....و لم يذكر ان كان هنالك انسجام انساني و فكري سابق من خلال النت......هل هذا تحقير لكل من لم يحظ بنسبة جمال معين؟؟؟؟؟، ام هو تحقير للتكنولوجيا؟؟؟؟........ام هي قصة عن رجل ممصاب بالوسواس القهري الذي يشمئز من كل شيء في الدنيا؟؟؟؟؟؟....... القصة لم تحسم الامر، ابتدأت بتحقير المتسولة، و المطعم، و القطة ايضا، و انتهت بتحقير بطلة القصة....حتى البطل هو شخص لعان.. لعن النت.......لماذا لا يلعن القيم الذكورية التي تشترط على المرأة و الرجل جمالا بمقاييس ليس لنا عليها حكم؟؟؟؟؟؟..... امنياتي لك بالتوفيق استاذ عدلي شما

    ردحذف