القصيدة تلد انثى في اوج عنفوانها ؟
2\10\2014
مثلما تتثاءب النجيمات لتنام على أهداب المساء في أخر الحلم ... و أول اللقاء في الفجر حيث يتبسم ويتلألآ الندى بنقاء وتغريد البلابل بتسبيح الحمد ... ويتنفس الصبح فتنساب العذوبة خافقة بجناحيها كالنسيم يداعب الحقول ... ويترنم الأقحوان برفيف شذاه ويبتسم النرجس الحزين ملوحا للضياء... فيتناغم الأمل مع ترانيم الصباح ... والقلب يستفيق من الحلم ليدخل في حلم الحياة نشوانا جذلا طربا لما يراه... كذلك تتفتح القصيدة عند الشاعرة سليمة مليزي كابتسامات الصباح ندية ونقية ذاهبة نحو الأمل والتفاؤل.
وشعرها يترابط ترابطا وثيقا بين الشكل واللغة والمعنى أيضا ... مما يعطيها سلاسة في التعبير ودقة وعذوبة , فهي تعني ما تقوله وتذهب الى ما تريده مباشرة ولا تشقى بذلك دون أي ترهل بالعبارات او المعاني وخيالها يتناغم مع أفكارها فيستجيب لرقة إحساسها ونقاء قلبها فتزهر لغتها جمالا أخاذاً لا مثيل له
والقصيدة التي سنتناولها في هذا المقال ... كمتذوقين للشعر هي (مواسم الرحيل ) من ديوانها الأخير { نبضٌ من وتر الذاكرة } الذي صدر عن دار الكلمة نغم لنجيب محفوظ بالقاهرة والقصيدة المحتارة ..والتي هي من نوع السهل الممتنع بمعانيها الجميلة الظاهرة ومعانيها المخفية بين السطور .
وتبدأ بعبارة وكتبت القصيدة و لنسأل كيف يكتب الشاعر القصيدة
فبينما تتفتح القصيدة كالزهرة أو ومضة ضوء على فضاءات جديدة وتخلق صور و لوحات التي تريدها الشاعرة و أخرى تفرض نفسها بصورة خفية او ظاهرة من خلال انسياب الكلمات والمعاني... فالشعر جميل لذاته و القصيدة كالحلم .
والشاعرة كتبت القصيدة على دروب الحنين حيث الانتظار واللهفة و التأمل على جدار القلب تنبض حروفها بالنور وتضيء العتمة وتلوح للأمل تعانق أفق الشوق الذي وصل حدود الهيام ويبداء القلب سفره في الحلم يرافقه الخيال وتبدأ الشاعرة تنثر حروفها الرقيقة فتراها أحيانا دموع تتلألآ كنجيمات على الخد وتارة ترها ندى نقي يتلألآ على أوراق الشجر بنور إحساسها ولهفتها لعل الريح اذا داعبت أوراق الشجر و لامسة وجه الندى تحملها مع السحاب
هل للدموع صوتا او للندى للهفة و هي تشهق بصمت النداء كصرخات بلا صدى وسيهطل شوقها قطرات من المطر وتبقى الشاعرة كانسانة في بحثها الدائب لنصفها الثاني وكلنا نبحث عن نصفنا الثاني لنكمل معه حياتنا وهنا تثبت الشاعرة سليمة أن الشعر هو طريق للحياة
فستتدفق في هذه القصيدة كل كلماتها ستجمع أشواقها آهاتها و دموعها التي غطت أوراق الشجر وقد تكون تحولت الى غيمه لتعبر عما في داخلها وهو الذي نبحث عنه في داخلنا أيضا
و لأنها تمتلك من الحس و لأدراك وما تتمتع به من روح سامية ونقاء قلب جعل من كلماتها أن تكون قريبة من القلب
فيا أيتها السحب احملي روحي معك واشتياقي ولهفتي وحنيني لعلها تلامس قلب حبيبي ويا شموع الليل أيتها القناديل كوني شاهده على لوعة قلبي
وتستمر العذوبة تنساب بين الكلمات لتروي ظمئنا للأبداع وتنقل لنا الكلمات أحساس لا نشعر به فحسب بل يتكلم
هاهي فصول الاشتياق تثمر في عز عنفوانها فاكهة القلب و هذا ربيعها ربيع العمر يبحث عنك لتستظل تحت أشجارها الوافرة الظلال وتقطف من ثمارها ولتشاركها الحياة بحلوها ومرها تعال لنبني حياة أخرى لا تكون فيها وحيدا وغريبا ينتابك الحزن والضياع فلك وحدك تثمل روحي فاذا لم تأتي أنا ذاهبة اليك الى حلمك
فهي تمسك بخيط الضوء ... وتلملم بقايا الأمل .. فبعد الليل الطويل يأتي الفجر .. والفجر أمل .. تمسك باللحظة بالحب بالورد .. ولا تدع الأحلام تهرب بلا اجل
و بهذا تصرح بالشعور الخالد والذي يطابق فكرة الخلود وهو الاحتياج الى الأخر لنكون من خلاله ومعه و لتتحد روحينا فيكون العطاء الدائم وفكرة الكون الأزلية ,وهي في هذه المقاطع القليلة التي كتبتها جسدت تلك الفكرة
وهكذا سافرنا مع الشاعرة القديرة سليمة مليزي في قصيدتها مواسم الرحيل ترافقنا الأشواق النبيلة والفكرة السامية التي عبرت عنها بكلمات عذبة عن مشاعر المرأة التي هي مصدر الحضارة والرقي في المجتمع والتي تعتز بأنوثتها و أفكارها فرسمت لنا بريشة الفنانة لوحات وصور غاية في الدقة و الروعة بعبارات رقيقة لشاعرة متمكنة من أدواتها ولغتها و أنا لم أجزأ القصيدة أثناء تحليلي لها لأنها نسيج واحد لا يتجزاء
وفي الأخير فان القصيدة هي من ديوانها الأخير { نبضٌ من وتر الذاكرة } الذي صدر عن دار الكلمة نغم لنجيب محفوظ بالقاهرة والذي يضم الكثير من القصائد الوجدانية الجميلة
النص
مواسم الرحيل
بقلمي : سليمة مليزي
وكتبتك قصيدة ..
على دروب الحنين
أحرفها من نور
تعانق أفق الشوق
زرعتها على الخد
على أوراق الشجر
تهفهف بحسي اليك
حين تعبث بها الرياح
تسافر مع السحاب
تعصف بروحي اليك
حاملة لك مواسم الوجع
وفصول الاشتياق
تثمر في عز عنفوانها
فاكهة القلب
لك وحدك تثمل روحي
لأنزوي الى مملكة ودك
لا سكن قصور الأحزان
وانتظر سجانك
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق