ولد عادل كاظم جواد في بغداد ثم نزحت عائلته الى مدينة البصرة حيث عمل والده عاملاً في مينائها وهناك تعلم وانهى دراسته الإعدادية ,ثم عاد الى بغداد والتحق بأكاديمية الفنون الجميلة عام 1967وبعد تخرجه عمل في وزارة الشباب عام 1971.مارس الكتابة للمسرح خلال سني دراسته في الأكاديمية وبعد تخرجه.
وكانت (الطحلب) 1962و(الكاع) أولى مسرحياته التي ظهرت على خشبة المسرح عندما أخرجها بنفسه لمجموعة من منتسبي وزارة الشباب عام 1971. وتناول في المسرحية الثانية علاقة الفلاح بارضه التي يزرعها وبالإقطاعي الذي يمتلكها وفيها يظهر ميله للدفاع عن حق الفلاح ضد المغتصب. وكتب مسرحية (الطوفان) اعتماداً على (ملحمة كلكامش) وأخرجها له ابراهيم جلال لطلبة فرع التمثيل بمعهد الفنون الجميلة عام 1966وبأسلوب ادبي متقدم تناول الاسطورة برؤية تقترب من الفلسفة الوجودية ومقسما المجتمع القديم الى سادة وهم الكهنة وعبيد وهم أبناء الشعب.
لقد أهلته ثقافته العامة وثقافته المسرحية وقراءاته اضافة الى موهبته وسعة خياله الى كتابة مسرحيات تقترب في أسلوبها من الإنتاج المسرحي العالمي. هذا وقد عنَّ له أحياناً ان يخرج بعضا من مسرحياته.
عادل كاظم الذي شكل ثقلاً كبيراً في تاريخ مسرحنا. وفي كتابة نص يحتوي على جماليات المسرح بحيث صار يمثل مرحلة مهمة من مراحل المسرح عندنا منذ الستينات. والكاتب الستيني كان له توهج بالفكر الماركسي والفكر التقدمي والوطني , وعادل كان واحداً من هؤلاء لأنه بدأ في عام 1966. وقام بمساك القضية الوطنية بطريقة اثارت اسئلة كبرى وتشابك مع التراث والتاريخ. تجربته شكلت قطيعة مع من سبقه لكنه أسس لاطار جديد في المسرح استفاد منه من أتى بعده. وهو يمتلك جرأة كبيرة في التحرش بالتابوهات والسلطة والممنوعات السياسية. وكانت كتاباته تشكل خطرا على السلطة , كما في مسرحية "دائرة الفحم القوقازية" لأنه شق عصا الطاعة على سلطة النظام السابق.
فقدان تقاليد المسرح
اولاً: لم نؤسس تقاليد لدينا في المسرح وكان يجب ان نعتز بكتابنا المسرحيين ونستعيد أعمالهم.
ثانيا: كنا نعتقد انه ليس هناك نص مسرحي عراقي ينافس او يوازي النص المسرحي الأجنبي لكن فجأة اكتشفنا عادل كاظم اولاً في "الطوفان" وثانيا في "تموز يقرع الناقوس." ثالثا: طرق عادل كاظم معظم أساليب المسرحية او مشاريع التيارات الفنية المختلفة. من التاريخيين والملحميين كما في تموز، وفي الطوفان،وفي المتنبي،و نديمكم هذا المساء. وحتى الواقعية كما في (عقدة حمار) والكوميديا الشعبية في الخيط.
رابعاً: كما كتب "تموز يقرع الناقوس" والصورة التي تعبر عن الصراع الدرامي و"شعيط ومعيط وجرار الخيط "حيث قدم فيها الروح الكاريكتيرية النقدية.
وفي المتنبي قام بتحويل الشعر الى سيرة ودراما بطريقة أخاذة ومعبرة تصعب على آخرين ان يقدموا مثل ذلك النص الفخم. وفي مسرحية "نديمكم هذا المساء" قدم الكوميديا الهادفة. و تتميز مسرحيات عادل كاظم بالمحتوى الإنساني وإدانة الظلم والقهر، وحواره منسق ورصين وبليغ
و الحبكة مبنية بناء محكماً، والشخصية واضحة المعالم وتتطور فكريا وفي اتجاهها نحو هدفه.
خامسا: عجيب امر الدائرة المختصة،عجيب امرنا نحن المسرحيين ان ننسى عادل كاظم وكتابنا الكبار مثل عرفان سعيد نبطي ونور الدين فارس وطه سالم ومحيي الدين زنكنة ومحمد علي الخفاجي وبنيان صالح وجليل القيسي وفلاح شاكر.
سابعا: لماذا نجح مسلسل "الذئب والنسر وعيون المدينة؟"
السبب هو ان عادل كاظم تناول قضايا تهم جميع أبناء الشعب ولان الشخوص يعيشون بيننا واللغة هي لغة أبناء الشعب ولأنه يفهم الدراما ويكيفها للتليفزيون.
مؤرخ عصره
لقد أعاد عادل كاظم قراءة التاريخ لان الفنان مؤرخ عصره فالفنان معني بالحقيقة الفنية ,في حين ان المؤرخ معني بالوقائع التاريخية كما هي. هناك تاريخ زائف ومحرف تاريخ الملوك والسلاطين والخلفاء والأمراء.
ماذا نأخذ من التاريخ؟
يجب ان لا نأخذ الانتصارات حسب والأمجاد كما نفعل.
والدراما الحقيقية هي في الهزائم والانكسارات كما فعل احمد شوقي في قمبيز ومصر كليوباترا وخالد الشواف في شمسو والاسوار.
عادل كاظم توفق بذكاء وحساسية درامية عند القرن الرابع للهجرة حيث كثرة الصراعات السياسية.انه قرن الانتكاسة.
وقدم مقامات أبي الورد للتاريخ كنموذج للمقاومة ضد الأطماع الفارسية اي النموذج ثوري.
في مسرحية "الحصار" هناك بطولة مدينة حضارية (بغداد) عام 1830 بوجودعلي رضا باشا وداود باشا وتوظيف درامي للحصار وتداعياته على الشعب. التاريخ في هذه المسرحية ليس مادة وثائقية. هناك فراغات في التاريخ ملأها عادل بإبداعه الثر. والحديث عن المتنبي ومسرحيته يقودنا الى اعادة قراءة في مقتلة المتنبي, فهل هو طموح سياسي ام صراع سياسي ام بطل قومي. واستدعاء شخصية أبي العلاء المعري وهو من غير زمن المتنبي وكما استخدم الراوي والمادة الفلمية السينمائية وأفاد عادل كاظم من تقنية برشت وطروحاته.
حاولت ان اقدم الحياة العراقية بكل مافيها من انتصارات وهزائم. ولم اترك حادثة إلا وعرجت عليها في اعمالي. مثلا اخذت شخصية المومس واستعرتها من السياب و قصيدته عن المومس.. اردت ان اقدم الوجه الاخر لتلك الشخصية. وكذلك شخصية اللص والشخصيات المنسحقة. والسبب يعود الى اني انهل من الواقع والتراث العراقي شخصياتي واقدمها بلا خجل لانها تمثل الحياة برمتها.
. اعداد : حسن نصراوي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق