أبحث عن موضوع

الاثنين، 13 يناير 2025

قبل المسيح الأخير.............. بقلم : سعد المظفر// العراق





هاقد أتيت

قبل المسيح الأخير

تلم تراث الأرض

قبل الأرتقاء

وتحمل وردة حمراء

كان منبتها الدماء

تهز مفاتيح الغياب

وتتلو ما تيسر من شعر

ترفع الى نافذة الكون كف

تنادي

مسكينةٌ مدن الجنوب

يأمرها إله الريح

فتسف التراب

وحدها

عطشى

هل من كأسٍ من ماء

يامسيح الشعراء

باركها وباركني

أنا على باب الشعر

وأنت من قد أتيت..

متى يصدق ..............بقلم : أدهام نمر حريز // العراق





سرير الامنيات النائمة

بستان ورود

يلاعبها هواء بارد

في الصباح

يسكن الندى على بَتَلة

اقدام باردة

تسير على بساط أحمر

أيام و ساعات

تترقب

تتأهب

الرجاء يلهث وراء سراب مالح

لا شيء يتعلق بالاصابع

للندم سؤال

يسكن شعوره منذ أزل بعيد

سجال بين الوهم و الخيال

أيهما اقرب للحقيقة

لا يبتعد عني سوى خطوات هذا الالم

يحبني

يتشبث بي الى حد الجنون

ماذا يريد

ماذا ينتظر

في ليالي الشتاء

هو النديم للهواجس

اقلام تخط حروفاً بلون واحد

مختلفة الاسماء و المعنى

رسائل مجهولة

لا تحتوي على عنوان

وصور لكثير من الوجوه

مفقودة

لحظات من الصمت

يعيد علي دخان السيجار

نفس السؤال في كل ليلة

متى تصدق الامنيات

................../

6/1/2025



"قيود الصمت في جحيم المعنى" ................ بقلم : فاهم المدني // العراق






كنتُ قد ألفيتُ نفسي على شفير عالم غريب، كأنّما الألوان فيه قد سُلبت، والأصوات طُمِست، فلا تسمع إلا حفيفَ الزمن، ولا ترى إلا ظلالَ أشياء لا تُحكى. وإذا برجلٍ جاثٍ على ركبتيه، مُسدلًا يديه كأنّه يتوسل. كان وجهه متجعدًا كما لو كان صحيفة كتبت عليها سنونٌ غليظة، وعيناه تترقرقان بدموعٍ سقطت في لُجّةٍ من الرماد.




دنوتُ منه، فإذا هو يهمهم بكلماتٍ متقطعة، كأنها أنفاسٌ في مهب الريح. فقلتُ له: "ما بالك يا صاحب؟ أهو العذاب الذي أنت فيه أم الأسى الذي يسكنك؟" فنظر إليّ نظرةً عجفاء، وأجاب بصوتٍ يشبه أنين الريح: "أنت ترى جسدي هنا، ولكن روحي تصرخ في مكانٍ آخر. لقد دعوت ربّي أن يقذف بي في قعر الجحيم، على ألا أسمع حرفًا عربيًا، وها أنا ذا عالق في صمتٍ أخرس، لا يعلوه إلا صدى رغباتي المكسورة."




قلتُ له: "وكيف جاء بك هذا الدعاء إلى هذا المصير؟" فأجاب: "لقد كنتُ يومًا ما متجبرًا، أستعلي على الناس بلُغتي، أنعتهم بالجهل، وأمزق ألسنتهم بألفاظي المعقدة. كنت أرى أن العربية ملكي، وأن من لم يفهمني لا يستحق أن يعيش في عالمي."




فقلتُ: "وكيف كانت عاقبتك؟"




فابتسم بسخرية مُرّة وقال: "عاقبني الله بما دعوتُ به؛ سُلبت اللغة مني تمامًا، فلا أنا أسمع حرفًا، ولا أستطيع النطق. أقف هنا، أرى العالم وأشعر به، ولكنّي لا أستطيع التعبير عنه. كل ما كنت أظنه كمالًا أصبح عقابي. أفهم الآن أنّ اللغة ليست صوتًا فحسب، بل روحٌ تعبر، ومعنى يوصل. ولأنّي جحدتُ نعمتها على من حولي، صرتُ محبوسًا في صمتي."




فقلتُ: "ألا ترى في صمتك هذا حكمةً؟ أليس في ذلك نهايةٌ تعيدك إلى نفسك؟"




فنظر إليّ نظرةً قاسية وقال: "بل هو قعر الخسارة؛ لا حكمة تأتيك وأنت لا تستطيع أن تُفصح عن ندمك. وما قيمة التأمل إن كان لا يُسمع ولا يُنطق؟ أتحسب أنّ الجحيم نارٌ وحسب؟ الجحيم هذا الصمت الذي لا بداية له ولا نهاية!"




ولما تركته، شعرتُ أن ما قاله كان صدىً يلامس نفسي، وكأنّه دعوة صامتة إلى تقدير ما نملك. هل اللغة إلا جسر بين القلوب؟ أمّا من عجز عن بناء ذلك الجسر، فهو في جحيم لا قاع له.


{طائرة القاصة ليلى عبد الواحد الورقية بين الكتابة والفضاء } بقلم الناقد: سعد المظفر





الدخول الى غالم الحكاية منذ ولادتها في بيئتها المكان المحكي فيه وأنطلاقها لتكون فضائها الخاص بها وتشكل عالمها تطير بنا القاصة ليلى عبد الواحد بطائرة منتشابكة الخيوط منذ الوهلة الاولى بعد مقدمة أحاديث السطوح… {بيوتنا ملتصقةٌ ببعضها، في حيٍّ قديم} حكاية الجارات التي تفتح لحظة الكتابة لتهيئ المكان والزمان وتقدم الراوي والمروي عنهم قبل أن تشخصن الحدث وتختصه بالربط بين الانثى /والفضاء اي انها اخذت عينة من كل الاحاديث ومررت عليها تجربتها القصصية لاحدث التفاعل وجلب الاستجابة من المتلقي{وردة، تلك الفتاة الرقيقة، ممتلئةٌ نشاطاً وفوضى، }في عملية صناعة هوية لانستطيع تجاهلها{نشاط وفوضى}هذه السيرة تشتبك مع ذات المروي عنها مع المكان المغلق الذي ينتج الحدث{حبسها والدها في غرفتها، ولم نعد نراهاعلى السطح.}فقد صارة الغرفة محبس وصار السطح ماكان اسطوري داخل المروي وبين المحبس والسطح لابد من تشكيل نقطة تحررب فكانت النقطةللانطلاق الى الفضاء{ كانت الطائرات الورقيّة، كبيرةٌ، زاهية الألوان }في تعميم لاضفاء جمالية لسردية الطائرة ورمزيتا في وقت واحد والانطلاق بالشرط الزماني من الرمزية وعن طريقها توسعة المكان على بعده الابعد وهو الفضاء في الحياة والنص لتبتعد عن سطوة المكان

وجغرافيته الى المكان الامنتهي{ شعورٌ لا يوصف ينتابني وأنا أرى طائرتي محلّقةً، ترتفع وتتمايل بدلال، ثمّ تستقرّ بثباتٍ في نقطةٍ بعيدة، في عمق السماء. أحسّ بأنني أطير معها إلى المجهول،}

هذه التدرجات للقفز من النقطة المرئية في الحدث المروي الى المجهول الذي تصل اليه الاحلام والطائرة التي تمثل الامل رغم تشابك خيوطها وان هذا المجهول احاط بها وبحميميتها واحدث لديها الخوف وفرض عليها واقعا لم تكن تتمناه ..طارت لتخفف وتقلل من هيمنة الاخر وتحدث هنا القاصة ليلى عبد الواحد التاثير المطلوب بتوضيف الاشكاليات المتاحة لها من خلال الاحتيال عل المكان واحتلال مكان اخر ابعد بطائرة من ورق لم تسلم من اشتباك خيوطها.

حاديث السطوح… / حكاية

ليلى عبدالواحد المرّاني

بيوتنا ملتصقةٌ ببعضها، في حيٍّ قديم يجمع عوائل مختلفة المستويات والأجناس، مع بعضها تشكّل نسيجاً متجانساً، وعائلةً واحدة. السطوحُ متلاصقة لا يفصلها عن بعض سوى حائطٌ واطئ بالكاد يحجب الجار عن جاره، حتى لنكاد نسمع شخيربعضِنا، وهمسات أزواجٍ مسروقة.

أحداثٌ لم أكن أستوعبها آنذاك، كريمة تضرب زوجها ليلاً، نسمع صراخه،وتعلو قهقهاتٌ مكتومة يطلقها الجيران نصف النيام . يتبوّل في الفراش ليلاً، هكذا قالت جارتنا وهي تضحك. وكريمة، جميلةُ كانت، ممشوقة القوام، بيضاء كالحليب، وخلف زوجها لا يكاد يصل كتفها، داكن اللون، قميء، يعاقر الخمر ليل نهار، يثرثر فتسدّ فمه بضربةٍ على رأسه حين يولول نادباً حظّه، متمنّياً طفلاً يملأ عليه بيته الخاوي.

أبن فخريّة ذو العشر سنوات، يمشي ليلاً أثناء نومه، قالوا أنّ جنّيةً تلبّسته وتستدعيه ليلاً . تملّكنا رعبٌ منه، حتى إنّنا تجنّبنا اللعب معه. كاد يسقط يوماً إلى الشارع حين تسلّق الحائط ليلاً، أنقذته يدُ أمّه الملتاعة وسارعت في احتضانه .

وردة، تلك الفتاة الرقيقة، ممتلئةٌ نشاطاً وفوضى، حبسها والدها في غرفتها، ولم نعد نراهاعلى السطح. لاحقاً سمعنا جارتنا البدينة تهمس بصخب .. ضبطها والدها تتحدّث مع وليد، ابن جارهم عبر ( الجدار العازل ). أصابنا الحزن لما حدث لوردة، نكنّ لها ودّاً وإعجاباً كبيرين .حكاياتٌ مضحكة تسردها علينا، وأحياناً مخيفة عن الجنّ والعفاريت، فنلتصق ببعضنا ونضحك خوفاً وهي تمثّل المشاهد مع حركاتٍ وغمزات تتقنها . توجّسنا منها بعد موقعة الجدار العازل، ونفورٌ لا تفسير له أصابنا اتجاهها.

حادثة وردة والجدار العازل، حدثت معي وأنا في الصف الأول متوسّط .

استرسلت سميرة، وقد شاب صوتها نزقُ طفوليّ ..

لعبتنا المفضّلة في أيام العطلة الصيفيّة، كانت الطائرات الورقيّة، كبيرةٌ، زاهية الألوان يصنعها لنا أخي الكبير. شعورٌ لا يوصف ينتابني وأنا أرى طائرتي محلّقةً، ترتفع وتتمايل بدلال، ثمّ تستقرّ بثباتٍ في نقطةٍ بعيدة، في عمق السماء. أحسّ بأنني أطير معها إلى المجهول، فأضحك جذِلة. طائرةٌ غريبة فاجأتني يوماً تحلّق وتعلو، حتى تكاد تلامس طائرتي، وكأنها تطاردها . فضولٌ كبير دفعني لأرى خصمي… ورأيته، فتىً نحيفاًيقاربني عمراً، تعبث الريح بخصلات شعره المسترسل على جبهته. تنحنحتُ كي أجذب انتباهه، رفع رأسه ونظر إليّ مبتسماً، ملامحه رقيقةٌ شاحبة، زادها شحوباً دفءٌ وخبثّ تنطق بهما عينان واسعتان. إبتسم؛ فانجذبت إليه، ثمّ أشاح؛ فحزنت .

لعدّة أيّامٍ ، وبقلبٍ يهفو إلى رؤية ذلك الوجه الشاحب، واظبتُ على ممارسة لعبتي ظهراً، وفِي ذروة اشتعال الشمس، مستغلّةً فترة الظهيرة التي تخلدُ فيها العائلة إلى قيلولةٍ طويلة في سرداب بيتنا .

الخوف كان يلازمني أن يفتقدني أخي الذي أخشاه بمقدار حبّي واحترامي الكبيرين له .في كلّ مرّة أَجِد خصمي الحبيب، قد سبقني إلى السطح، وطائرته مستقرّةٌ في كبد السماء، وخصلات شعره متناثرةٌ فوق جبهته .مزيجٌ من الإعجاب والتحدّي، كان ينتابني، ووخزةٌ لذيذة تدغدغ مشاعري، لا أعرف لها تفسيراً، أخذت تشدّني إليه. نظراته المتحدّية، جعلتني أشحذ همّتي، فأشدّ خيط طائرتي، وقد تمرّستُ في السيطرةِ عليها، فتحلّق، وعالياً تحلّق، حتى تجتاز طائرته، ومنتصرةً أضحك ..

لم أرهُ في اليوم التالي، تسلّقتُ الجدار الواطئ، لم يكن هناك على السطح، رميتُ حجراً صغيراً على سطحهم، دون جدوى، حزنت . ربما غضب منّي، وها هو يعاقبني، ورغم ذلك حلّقتُ بطائرتي، وتمنّيتُ أن أستقرّ وإيّاها فوق غيمةٍ بيضاء، ويكون هو معي، نتراشقُ ندف الغيوم المتناثرة، نبعثها رسائل حبٍّ ومرح إلى كريمة، إلى والد وردة، وإلى اليدِ الرحيمة التي أنقذت سائر الليل ..

كبيرةٌ وزاهيةٌ بذيولها الطويلة الملوٌنة، كانت طائرتي هذه المرّة . تمنّيتُ أن يراها، وأتلذّذُ حين أرى الغيظ والإندحار على وجهه، ولكنه لم يظهر، وربما هرب من المواجهة، هكذا صوٌر لي غروري !

طائرةٌ كبيرة فجأةً ظهرت، تحلّق بجنون، مختصرةً المسافات، حتى لامست طائرتي وعانقتها. لا، لم يكن عناقاً، كان هجوماً شرساً باغت طائرتي المسالمة. عبثاً حاولتُ تغيير مسارها كي أنقذها، هي الأخرى قاومت بيأس، ثمّ بدأت هبوطاً سريعاً، كمذنّبٍ تائه، منكّسةً رأسها وقد تناثرت ذيولها، وفوق سطحٍ بعيدٍ تهاوت حزينةً منكسرة.

قهقهةٌ عالية فجّرت الدماء في رأسي، وصوته ساخراً يعوي.. ماتت طائرتكِ.. قتلتها . بكيت، ولعنته، وفِي الحقيقة شتمته ورميت عليه أقذع النعوت وسط شهقاتي الملتاعة. إنكفأتُ على الأرض أنتحب، واضعةً رأسي بين ركبتيّ، وكماردٍ انشقّت عنه الأرض فجأةً، انتصب أخي الكبير أمامي، ونظراتٌ من جحيمٍ يلقيها على سطح جارنا. جفلتُ، وتكوّرتُ على نفسي مرتعبة، أخفيتُ خيط طائرتي المنكوبة، وأنا أحسّه يمزِّق جسدي المرتجف بنظراته الملتهبة. غاص صوتي في أعماقي حدَّ القدم، إرتجفت كلماتٌ مبعثرة فوق فمي .. لماذا تبكين، وأين الطائرة ؟ وبصوتٍ كالرعد.. هيّا انهضي، لن تصعدي إلى السطح ثانيةً، ولا طائرات بعد اليوم ..

وهرب العدوّ الحبيب. حلمت به ليلاً، وجهه ازداد شحوباً، تعلو فمه ابتسامةٌ خبيثة، وقد استطالت أسنانه، حتى أصبحت أنياب ذئبٍ مفترس وهو يقضم أشلاء طائرتي .

هجمت عليه كي انتزع بقايا طائرتي من بين أنيابه ، حزينةّ، باكية نظرتُ إليه.. لماذا فعلتَ ذلك ...؟


.إذا ماالتقينا............ بقلم : إبراهيم حفني / مصر




..وأبحث عنك كصبارة..

في ضمير الظنون. .....

و أمضي وحيدا...

.أعانيك خلف جدار الشجون. ..

وأصنع من همهمات المحال. ..

طريقا إليك. ..

كمس الجنون. ..

وأعرف يوما. ..

إذا ما التقينا. ...

يموت الكلام. ..

و تبكي العيون. ....*

إبراهيم حفني ....إذا ماالتقينا...

*****

..وأبحث عنك كصبارة..

في ضمير الظنون. .....

و أمضي وحيدا...

.أعانيك خلف جدار الشجون. ..

وأصنع من همهمات المحال. ..

طريقا إليك. ..

كمس الجنون. ..

وأعرف يوما. ..

إذا ما التقينا. ...

يموت الكلام. ..

و تبكي العيون. ....*

إبراهيم حفني ....إذا ماالتقينا...

*****

..وأبحث عنك كصبارة..

في ضمير الظنون. .....

و أمضي وحيدا...

.أعانيك خلف جدار الشجون. ..

وأصنع من همهمات المحال. ..

طريقا إليك. ..

كمس الجنون. ..

وأعرف يوما. ..

إذا ما التقينا. ...

يموت الكلام. ..

و تبكي العيون. ....*

.

رائد محمد الحواري واضاءة حول الأسر والأسرى في كتاب "حسن اللاوعي" إسماعيل رمضان




أهمية الأدب الفلسطيني تكمن في عدة مسألة، منها توثيق أحداث ووقائع يمكن أن يغفلها من يتناولون التاريخ، وأعتقد أن هذا الأمر أكدة العديد من الروائيين والأدباء الفلسطينيين، في على سبيل المثل يمكن لقارئ أن يتعرف على وقائع وأحداث وشخصيات من الصعب الوصول إليها في كتب التاريخ، لكنه يجدها بسهولة في الأعمال الروائية ل"أسامة العيسة" طبعا بالإضافة إلى جمالية التقديم وسلاسته واللغة الروائية الجاذبة.

كتاب "حسن اللاوعي" من الكتب الأدبية المهمة فلسطينيا، لأن الكاتب يوضح الترابط والتكامل بين دور الإنجليز والصهاينة في فلسطين، من خلال تناوله شخصية "حسن اللاوي" الذي لم يقدر، لم يقبل انتهاك حرمة المسجد الأقصى من قبل "ستيوارت" الجندي الإنجليزي الذي تعامل معه بجلافة، حينما طلب منه "حسن" الخروج من المسجد، لكنه كجندي محتل، رأى في نفسه سيد المكان وسيد على من هم فيه، فرد مستهترا بكلام "حسن" فما كان منه إلا أن أخرج سكينه وطعن الجندي وأراداه قتلا.

يحكم على "حسن" عام 1939 بالإعدام، تدخل مفتى القدس يجعل الاحتلال الإنجليزي يخفف الحكم من الإعدام إلى السجن المؤبد، في عام 1948يخرج الإنجليز من فلسطين ويحل محلهم الصهاينة الذي يخفوا "حسن" من الوجود، من خلال عدم إعطاء أي معلومات عنه، حتى عام 1967 حيث يستطع أهله معرفة أنه ما زال قابع في السجن، وأن الاحتلال أخفى كل المعلومات عنه، يتم التواصل معه، وفي عام 1982 يتم الإفراج عنه بعد أن قضى 42 عاما في السجون، ولكن لا يخرج إلى بلدته، بل يتم نفيه إلى الخرج، فبلدته تم محوها من الوجود في عام 1948، مما زاد من معاناته وألمه.

هذا هو "حسن اللاوي" الذي قضى في السجون 42 سنة، يخرج شبه رجل، فقد تعرض للعزل الانفراد لفترات طويلة، ولمدة سجن أطول، مما أثر على ذاكرته، وما عنوان الكتاب "حسن اللاوعي" إلا صورة عن واقع حقيقية حسن اللاوي الذي خرج فاقد الذاكرة، بعد أن كان من علماء الدين قبل سجنه، وبهذا يكون الإنجليز سبب (موت) للفلسطيني، موت "حسن اللاوي" وجاء الاحتلال الصهيوني ليكمل دور الإنجليز بوضع الفلسطيني/حسن في عزلة وظروف اعتقال في غاية القسوة، مما أثر علي ذاكرته ونفسيته، فيخرج من السجن وهو أقرب إلى (جثة حية) جسد بلا روح، رجل بلا ذاكرة، شخص بلا وطن.

هذا هو "حسن اللاوي" وهذه قصته وحكايته مع الاحتلالين، الإنجليزي والإسرائيلي، فالفلسطيني عندما يدافع عن أرضه، عن كرامته، عن دينه يكون إرهابيا، ويتم التعامل معه بوحشية، وما سجنه لمدة اثنين وأربعين سنة إلا صورة عن بربرية الاحتلالين.

إذن نحن أمام حالة وطنية إنسانية، تم التعامل معها بوحشية مفرطة من قبل المحتلين، وما فقدان "حسن" الوعي إلا نتيجة المعاملة البربرية التي تعرض لها، فحالة اللاوعي انعكست على السارد من خلال استخدمه لصبغة تداعي ضمير المخاطب ـ المتحدث يتكلم مع نفسه ـ بمعنى أنه جن/مجنون/مضطرب ـ فحجم الضغط الواقع عليه جعله بحالة مزرية، يتحدث مع نفسه.

وها أذكر برواية "اليركون" لصفاء أبو خضرة، ورواية "كوانتوم" لأحمد أبو سليم حيث أقرن حجم الضغط/الجنون/الاضطراب بصيغة تداعي ضمير المخاطب، وهذا يشير إلى أن السارد تقمص/حل في الشخصية الروائية وأخذت يتكلم بصوتها، بمعاناتها، بما فيها من ألم/وجع، واللافت في هذه الأعمال أنها جاءت بثلاثة صيغ للسرد، أنا السارد، السرد الخارجي/العليم، وتداعي ضمير المخاطب، وكلها تحدثت عن شخصيات تعرضت لضغوط نفسية هائلة، مما انعكس على (الوعي/الذاكرة/ النفسية) فجعلها تتحدث مع ذاتها.

العنوان "حسن اللاوعي"

إشارة إلى ما قلنا آنفا: إن صيغة تداعي ضمير المخاطب تعكس حالة التوحد/التماهي/الحلول بين السارد وبين الشخصية التي (جنت/فقد الوعي/الذاكرة) يقول الكاتب: "كذلك نادر العفوري وسامي مطير اللذان عوملا كما اللاوي على انهما مجنونان، ووضعا في القسم نفسه والغرف نفسها مع الجنائيين (اليهود) ومع المصابين بالأمراض النفسية والعقلية سواء كوسيلة ضغط وتعذيب، أو اعتقادهم أنهم مجانين والتخلص منهم بإبقائهم في قسم المرضى النفسيين.

حسن اللاوعي، حسن اللاوي تجاوز الوعي، لذلك أحيانا أكتب أسمه حسن اللاوعي" ص53، في هذا المقطع يربط الكاتب بين حالة اللاعي ومضمون الكتاب، وبين طريقة السرد التي استخدمها، وأيضا يربط العديد من الشخصيات التي تناولها وتعرضت لتعذيب وحشي من قبل الاحتلال.

الحكم

الكتاب يتناول شخصيات وطنية، مبدئية، قاتلت وصمدت واستشهدت، من هنا نجد العديد من الحكم تتحدث عن الصمود والثبات ومقاومة المحتل، من هذا الحكم: "لا يجوز أن يكون لنا أسير دون أن نحرر" ص101، " أن تقتل وأنت فدائي في منظمة، فلأنك مقاتل لأجل الحرية، أما أن تقتل لأمر فردي فأنت مجرم، وهما أمران مختلفان" ص128، "أن تكون متفوقا على غيرك فهذا اغتراب، وأن تكون صاحب رؤية فهذا خطر عليك" ص178، "فمن العار أن تعطي بندقيتك لعدوك" ص200، "السجانون يستخدمون بعض المساجين عمالا لمساعدتهم، يبدو أن البعض يتشرب الدور ويتقنه بسرعة، هذا العزّات ليحافظ على وظيفته المهينة يمارس دور السجان بصرامة أكثر من السجان نفسه" ص231، مثل هذا الأقوال تمثل خلاصة تجربة الكاتب النضالية، وهي بمجملها متعلق بالنضال، بالثبات على الحق/المبدئ.

الجنس والمرأة

الجنس يعتبر حاجة أساسية للإنسان كحاجته للطعام والشراب والهواء، وقد بين "فيلهلم رايش" في كتابه "ما الوعي الطبقي" دور الجنس في تحريك الجماهير ودفعهم للتغيير والثورة، فالجنس مسألة مهمة في الحياة ويجب التوقف عندها وتناولها بجراءة، لأن الحرمان منه يؤدي إلى الاضطراب النفسي وخلل في سلوك الفرد، يتحدث الكاتب عن "أبو العبد" السجين والمقاتل" وعن أثر الجنس عليه: "أنا ابن الجبهة وابن الوطن، ولكني أريد الزواج وأريد العلاج مقابل تضحيتي وفناء شبابي، يحق لي أن أختار أي إنسانة عمرها ست عشرة سنة وأتزوجها دون أن يعترض أهلها أو هي أو أي أحد" ص201، هذا القول يشير إلى أن عدم حصول الفرد على حاجته الجنسية، يجعله (يرتد) عن مبادئه ويجعله أقرب إلى الجنون، ما قاله "أبو العبد" آنفا يؤكد أنه فقد اتزانه، ولم يعد يعي ما يقول، لهذا يريد تجيير نضاله إلى مكاسب (جنسية).

وفي مشهد آخر يتحدث عن "الشيخ" الذي لم يستطع تحمل مشاهدة فلم فيه مشاهد جنسية مما جعله يخرج إلى الحمام، ليقضي (وطره) فيه.

أهمية كتاب "حسن اللاوعي" ليس في مضمونه وتعريفنا ب"حسن اللاوي" الذي (استشهد) دفاعا عن الأقصى والكرامة الفلسطينية العربية فحسب، بل في تناوله لمجموعة كبيرة من الشخصيات تم أسرها من قبل الاحتلال، فيتحدث عن "نادر العفوري" وطريق التعذيب الكثيرة والعديدة التي استخدمها الاحتلال لنزع اعتراف منه، لكنه صمد رغم تعدد الاعتقالات وكثرة المحققين وتعدد أساليب التحقيق معه.

يتناول الكتاب مجموعة كبيرة من الشخصيات مثل: "أبو علي إياد، عمر النايف، سامي مطير، نادر العفوري، بسام الشكعة، إبراهيم أبو غوش، ماجد عطير، محمود فنون، أحمد سعدات، سامي مطر" " وغيرهم، واللافت في تناولها انه يجعلها مكملة لدور "حسن اللاوي" فقد جعل الصمود/الثبات على الموقف هو أساس للحكم على طبيعة الرجال.

نادر العفوري

بتوقف الكاتب عن "نادر العفوري" في اكثر من موضع في الكتاب، وهذا يعود إلى صموده وقدرته على تحمل التعذيب الجسدي والنفسي، وقدرته على استكشاف مواضع الخطر/الكمائن التي يضعها الاحتلال، يصف حال نادر في الأسر بقوله: "فهو بالسجن لم يكن يعاشر سوى الهراوات تنهال على جسده ورأسه، وكل موضع في جسمه وأعقاب السجائر تكوي جسده في كثير من المواضع والأسلاك الكهربائية" ص58، ولم يقتصر الأمر على التعذيب في مكان واحد، بل تعددت الأماكن وتعدد المحققون عليه، ينقل لنا الكاتب هول ما تعرض له من تعذيب في أقبية التحقيق: "نعوه شهيدا أربع مرات حتى يتبين أنه نقل إلى أقبية تحقيق في سجن آخر، ليجرب محققون آخرون مهاراتهم وحظهم معه في نزع اعتراف دون جدوى"ص59.

هذا نظرة عامة لما تعرض له "نادر" أما عن تفاصيل التعذيب فلم يمارسها إلا البرابرة في العصور الغابرة: "انتزاع حلمات صدره بكماشة وكأنها مسمار في حائط...وفكه السفلى يتحرك بشكل دائم حركة لا إرادية...إذ نقص وزنه من 100 كلغ إلى 47 كلغ" ص60-62، وهذا ما جعل "نادر العفوري" أسطورة في الصمود والقدرة على تحمل التعذيب، حيث استطاع أن (يتخلى) عن جسده، أو استطاع أن يميت جسده لتبقى روحه/أرادته نقيه حرة: "نادر أخرج روحه وحدها، وبقى جسده وحده يتلقى الضربات، وكأنه كيس من ورق، فهو صامت لا يتكلم لا يحس ولا يشعر" ص62، الجميل في هذا المشهد الروحية التي جاء بها، فهو يقودنا إلى (اليوغا) وما تحمله من فكرة، قدرة الفرد على فصل الجسد عن الروح/الإرادة، التي أكد حقيقتها "نادر العفوري"

وبهذا يكون الكاتب قد جمع وأصل وأكمل قصة "حسن اللاوي" الفلسطيني من خلال تناوله فلسطينيين آخرين "العفري، وعبدالله البرغوثي" وغيرهم من الأسرى الذين ما زالوا يقبعون في سجون الاحتلال، مما يجعل حالة/فكرة "حسن اللاوي" الأسير باقية وحاضرة ومستمر ما دام هناك احتلال، وهذا ما يعطي الكتاب قيمة معرفية متعلقة بالمضمون وبالفكرة التي تتحدث عن الأسر والاعتقال والتعذيب الوحشي، وقيمة أدبية تتمثل في الأسلوب والفنية التي عرضت وقدمت الفكرة.

الكتاب من منشورات دار الفارابي، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى2019.



الأحد، 12 يناير 2025

اليوم سابتسم.......... بقلم : وفاء غريب سيد أحمد / مصر





سأداعب الأمل ببسمةٍ تتحدى معي الغياب.
سأطرز ثوبي ببسمة الصغار.
أحلق وأنطلق كعصفورٍ يستحوذ على السماء.
يحملني على أجنحة المساء.
أناشد دفئاً يحمل عني عناء الذكريات.
كي يرحل الماضي ويأتي الحاضر كوليدٍ يغفو مطمئناً على كتف الزمان.
يملأ كأسي الفارغ ويثملني من حر العناق.
جامحة حروف القصيدة بين كنا وكان،
فدعني أعشْ اليوم في فضاء النسيان.
أكون موجاً في بحرٍ هائج على شاطىء اليأس ينثر الأمل هنا وهناك.
لقد مزقني السهد في ليالي الشتاء.
سابتسم كالربيع لتزهر ورودي على باقي الأيام.
يغمرني نبضٌ يستدعي أنثى دفنتها تحت ركام خريفٍ باغتني بضياع الشباب.
سأبدل البريق الخافت كي تشرق بسمتي كالنجوم في ليلٍ بات يخشى الظلام.

6/5/2024