* ...في ق-ريتنا وقبل 50عاما ..كان يجاورنا في السكن عائلة تعمل برعي الأغنام والتجارة فيها ..(أبو منصور العقيلي) هو كبيرهم ...وكان من أبنائه (سالم الغنام) ...وهو أشهرهم وأمهرهم في التعامل مع الأغنام بإنسانية فطرية وكأنه يرعى قطيعا من صلبه ...* ....في ذلك الزمان كان الناس ينتظرون أول ضوء للصباح لينطلقوا إلى مآربهم .....عم سالم الغنام أشياؤه الأساسية منديل فلاحي متعدد الأغراض ( يضع فيه لقيمات وبعض الجبنة الفلاحي لزوم الطعام ...وأيضا لاتقاء حرارة الشمس على رأسه ) وإناء لشرب الماء ...بينما يبقى أهم أشيائه عَصاة يهش بها على غنمه وهي التي استحالت عضوا حيويا من لحمه ودمه وجيناته الوراثية ..فأخذت ملامحه ورائحته ...وعصاة أخرى له فيها مآربُ أخري ...مصنوعة من نوع معين من الغاب ...ال(ناي) ..وهي آلة نفخ موسيقية ..أنغامها تعانق الحنين وتثير الشجون ...* ..كعادته كل صباح يتأبط أشياءه ويدعو رفاقه وينطلق إلى المراعي والوديان بقطيعه ليعود قبل الغروب ....* ..على ضفاف الترعة كان الوادي فسيحا وكان مرتعا خصيبا للأغنام ...وذات يوم وأثناء سيري باتجاه الترعة التقط سمعي نغما شاردا مع النسائم الآتية من جهة الوادي ...وبدون أن أدري ساقتني قدماي إلي هناك .....ياألله !!! ...لمحت (سالم الغنام) وقد أسلم ظهره إلى جذع شجرة التوت وارفة الظلال وفي يديه الناي الشجيّ ..ينفخ فيه ما بوجدانه في أمن وطمأنينة ويودعه أسراره لينثرها في خواطر الجمال ...* وقفت على حذر خشية أن يراني فيتوقف عن بث الشجن اللذيد ..وما أن توقف حتى أظهرت نفسي وأنا في أحضان الانبشاء .....الجدير بالذكر ...أن الراعي الفنان قال لي عندما سألته عن سر الناي : الموسيقى ليست للبشر دون غيرهم ..والحيوان يتأثر بالموسيقى ..فينعم بالهدوء ..وتزداد شهيته للأكل ..ويدر لبنا أكثر ...وياسبحان الله .*
أبحث عن موضوع
الجمعة، 17 فبراير 2023
راعي الغنم ...الفنان ................ بقلم : ابراهيم حفني - مصر
* ...في ق-ريتنا وقبل 50عاما ..كان يجاورنا في السكن عائلة تعمل برعي الأغنام والتجارة فيها ..(أبو منصور العقيلي) هو كبيرهم ...وكان من أبنائه (سالم الغنام) ...وهو أشهرهم وأمهرهم في التعامل مع الأغنام بإنسانية فطرية وكأنه يرعى قطيعا من صلبه ...* ....في ذلك الزمان كان الناس ينتظرون أول ضوء للصباح لينطلقوا إلى مآربهم .....عم سالم الغنام أشياؤه الأساسية منديل فلاحي متعدد الأغراض ( يضع فيه لقيمات وبعض الجبنة الفلاحي لزوم الطعام ...وأيضا لاتقاء حرارة الشمس على رأسه ) وإناء لشرب الماء ...بينما يبقى أهم أشيائه عَصاة يهش بها على غنمه وهي التي استحالت عضوا حيويا من لحمه ودمه وجيناته الوراثية ..فأخذت ملامحه ورائحته ...وعصاة أخرى له فيها مآربُ أخري ...مصنوعة من نوع معين من الغاب ...ال(ناي) ..وهي آلة نفخ موسيقية ..أنغامها تعانق الحنين وتثير الشجون ...* ..كعادته كل صباح يتأبط أشياءه ويدعو رفاقه وينطلق إلى المراعي والوديان بقطيعه ليعود قبل الغروب ....* ..على ضفاف الترعة كان الوادي فسيحا وكان مرتعا خصيبا للأغنام ...وذات يوم وأثناء سيري باتجاه الترعة التقط سمعي نغما شاردا مع النسائم الآتية من جهة الوادي ...وبدون أن أدري ساقتني قدماي إلي هناك .....ياألله !!! ...لمحت (سالم الغنام) وقد أسلم ظهره إلى جذع شجرة التوت وارفة الظلال وفي يديه الناي الشجيّ ..ينفخ فيه ما بوجدانه في أمن وطمأنينة ويودعه أسراره لينثرها في خواطر الجمال ...* وقفت على حذر خشية أن يراني فيتوقف عن بث الشجن اللذيد ..وما أن توقف حتى أظهرت نفسي وأنا في أحضان الانبشاء .....الجدير بالذكر ...أن الراعي الفنان قال لي عندما سألته عن سر الناي : الموسيقى ليست للبشر دون غيرهم ..والحيوان يتأثر بالموسيقى ..فينعم بالهدوء ..وتزداد شهيته للأكل ..ويدر لبنا أكثر ...وياسبحان الله .*
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق