تحلق رغـد الحيّالي في فضاء القصة القصيرة عبر مجموعتها القصصيّة ” شتاء بغداد و دبي” لتترك لها أثراً داخل المدونة العراقية. وكانت هذه المجموعة قد صدرت عن ” دار أوستن ماكولي” في الإمارات العربية المتحدة. وجاءت في ١٠٨ صفحة وهي تضم سبعة نصوص قصصية قصيرة، توحّدها متانة السبك وقدرة لغة السرد على الكشف عن مكنونات النفس، وما يجول في خواطر شخصيات القصص السبع. تهدي القاصة كتابها إلى سبب وجودها بهذي الحياة، إلى القوة في حالة الضعف، والسعادة في حالة الحزن، والأمان في حالة الخوف، إلى والـدتـهـا.. تُستهل هذه المجموعة بقصة ” لؤي و تمارة ص ٩ ” التي بدأت بإعجاب عبر نافذة صغيرة من الــ social media وهي "البلاك بيري" في ذلك الوقت. كان لؤي مأسورا بتمارة، كالعادة لهفة البدايات الخارقة، التي يجب على المرء أن يشكك جداً بها ويركن اندفاعه؛ لأن انطفاءها قد يقتل كل شيء داخل النفس الإنسانية.! تطورت القصة بالتدرج الزمني، وتزوج لؤي من تمارة الفتاة الناجحة، المكتظة بعملها، و ازدحام حياتها اليومية، كالعادة في البداية كل شيء على ما يرام، وبعد مرور فترة اكتشفت تمارة خيانة زوجها لها ! تحول الحب إلى وباء فتاك، إلى سم ناقع، قَلَبَ حياة تمارة بالكامل، اكتشفت حقيقة لؤي، الإنسان المتسافل جداً، الذي يلهث خلف كل شيء انثوي، الإنسان الذي لا يحترم نفسه.. يتجلى الحزن بكامل اناقته في قصة ” أحمد و رنا ص ٨٠ ” قصة الحب الخالية من النشاز والأمراض، التي بدأت منذ طفولتهما، الحب والنقاء الصادم.. وبعد سلسلة من الكوارث والدمار، ومرور أعوام عديدة شاء القدر أن يلتقي احمد برنا بصدفة عجيبة..!! وكانت رنا تحت عنوان "متزوجة" فلم يقترب أحمد منها، وقرر أن يختفي تماماً، ثم عادت له تحت عنوان "مُطلّقة" هذا العنوان الذي ينفر منه المجتمع، و يعتبره لثغة بتاريخ المرأة، لكن في الحقيقة المُطلقة هي المرأة التي رفضت أن تموت ببطء..! وليس كما يعتقد العقل الجمعي!!! لم يكترث أحمد لهذي الموضوعة ولا لاستياء عائلته، ونظرة المجتمع، وقرر الزواج من رنا، ولولا الموت الذي وشم على حياة العراقيين لكانت هذه القصة من أجمل القصص التي يمكن أن تسمعها عن الحب. "زاهر و إلين ص ٩٢ " "على أرصفة شوارع بغداد، بدأت قصة الوجع" ويشي هذا الاستهلال بالرحيل والغياب والافتراق أبدا. إذ لم تترك الحرب أي شيء، الحرب قبرٌ جماعي. نلاحظ هنا بهذي القصة انطلاق صوت السارد ليكشف عن حالة القلق المصحوب بالخوف خلال معاناة حبيبين فرقتهما الحروب..! الحروب تفتك بالإنسان والحيوان والشجر، والحجر.. الحرب يعني العدم.. يعني اللاشيء. "شتاء بغداد و دبي" هي معجم موجز لجميع أحزان العشاق العراقيين، هذي المجموعة تدفعك للتدخين، والبكاء، والبصق بشراهة على العادات والتقاليد والحروب التي قتلت كل شيء أخضر. ان ما يميز القاصة رغـد الحيالي انها تكتب بصدق ودفء فني، قبل أن تغرس اصبعها في خاصرة النص، تعرف كيف تخرجه بشكل متكامل، رغـد الحيالي، تعرف دروب الكتابة جيداً.. عزيزي القارئ.. أثناء قرائتك لهذا الكتاب احرص على ألّا يقفز قلبك من القفص الصدري رجاءً.
أبحث عن موضوع
الجمعة، 17 فبراير 2023
قراءة في المجموعة القصصيّة “شتاء بغداد و دبي” للقاصّة رغـد الحيّالي............... بقلم : حسين سالم // العراق
تحلق رغـد الحيّالي في فضاء القصة القصيرة عبر مجموعتها القصصيّة ” شتاء بغداد و دبي” لتترك لها أثراً داخل المدونة العراقية. وكانت هذه المجموعة قد صدرت عن ” دار أوستن ماكولي” في الإمارات العربية المتحدة. وجاءت في ١٠٨ صفحة وهي تضم سبعة نصوص قصصية قصيرة، توحّدها متانة السبك وقدرة لغة السرد على الكشف عن مكنونات النفس، وما يجول في خواطر شخصيات القصص السبع. تهدي القاصة كتابها إلى سبب وجودها بهذي الحياة، إلى القوة في حالة الضعف، والسعادة في حالة الحزن، والأمان في حالة الخوف، إلى والـدتـهـا.. تُستهل هذه المجموعة بقصة ” لؤي و تمارة ص ٩ ” التي بدأت بإعجاب عبر نافذة صغيرة من الــ social media وهي "البلاك بيري" في ذلك الوقت. كان لؤي مأسورا بتمارة، كالعادة لهفة البدايات الخارقة، التي يجب على المرء أن يشكك جداً بها ويركن اندفاعه؛ لأن انطفاءها قد يقتل كل شيء داخل النفس الإنسانية.! تطورت القصة بالتدرج الزمني، وتزوج لؤي من تمارة الفتاة الناجحة، المكتظة بعملها، و ازدحام حياتها اليومية، كالعادة في البداية كل شيء على ما يرام، وبعد مرور فترة اكتشفت تمارة خيانة زوجها لها ! تحول الحب إلى وباء فتاك، إلى سم ناقع، قَلَبَ حياة تمارة بالكامل، اكتشفت حقيقة لؤي، الإنسان المتسافل جداً، الذي يلهث خلف كل شيء انثوي، الإنسان الذي لا يحترم نفسه.. يتجلى الحزن بكامل اناقته في قصة ” أحمد و رنا ص ٨٠ ” قصة الحب الخالية من النشاز والأمراض، التي بدأت منذ طفولتهما، الحب والنقاء الصادم.. وبعد سلسلة من الكوارث والدمار، ومرور أعوام عديدة شاء القدر أن يلتقي احمد برنا بصدفة عجيبة..!! وكانت رنا تحت عنوان "متزوجة" فلم يقترب أحمد منها، وقرر أن يختفي تماماً، ثم عادت له تحت عنوان "مُطلّقة" هذا العنوان الذي ينفر منه المجتمع، و يعتبره لثغة بتاريخ المرأة، لكن في الحقيقة المُطلقة هي المرأة التي رفضت أن تموت ببطء..! وليس كما يعتقد العقل الجمعي!!! لم يكترث أحمد لهذي الموضوعة ولا لاستياء عائلته، ونظرة المجتمع، وقرر الزواج من رنا، ولولا الموت الذي وشم على حياة العراقيين لكانت هذه القصة من أجمل القصص التي يمكن أن تسمعها عن الحب. "زاهر و إلين ص ٩٢ " "على أرصفة شوارع بغداد، بدأت قصة الوجع" ويشي هذا الاستهلال بالرحيل والغياب والافتراق أبدا. إذ لم تترك الحرب أي شيء، الحرب قبرٌ جماعي. نلاحظ هنا بهذي القصة انطلاق صوت السارد ليكشف عن حالة القلق المصحوب بالخوف خلال معاناة حبيبين فرقتهما الحروب..! الحروب تفتك بالإنسان والحيوان والشجر، والحجر.. الحرب يعني العدم.. يعني اللاشيء. "شتاء بغداد و دبي" هي معجم موجز لجميع أحزان العشاق العراقيين، هذي المجموعة تدفعك للتدخين، والبكاء، والبصق بشراهة على العادات والتقاليد والحروب التي قتلت كل شيء أخضر. ان ما يميز القاصة رغـد الحيالي انها تكتب بصدق ودفء فني، قبل أن تغرس اصبعها في خاصرة النص، تعرف كيف تخرجه بشكل متكامل، رغـد الحيالي، تعرف دروب الكتابة جيداً.. عزيزي القارئ.. أثناء قرائتك لهذا الكتاب احرص على ألّا يقفز قلبك من القفص الصدري رجاءً.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق