تمطر الدنيا شظايا ذكرياتْ
يستحيل الحزن شدوًا، والأماني أغنياتْ
مرجلٌ في القلب يغلي، ثم تهمي عبَرات
وعلى الخدين ينهلُّ مطرْ
آه ! يامقهًى على زاوية الشارع في بغداد
رُوّادك أفديهم بسمعي والبصرْ
يا صديقي أنت مجهول ولا تحمل اسمًا
والألى حولي هنا لم يسمعوا عنك خبرْ
أو يذوقوا شايك " الطوخ " على ضوء القمر (1)
اّه! لو أقدر أن اّتيك زحفًا ذات يومْ
أوسعُ الأبواب لثمًا والحجرْ
أسأل الرواد عن دهر مضى
ورفاق بُعثروا عبر المدى
بعضهم أبحر في التيه
وبعضٌ غاب في بحر الردى
تنهش الذكرى فؤادي
يقطر الحزن دمًا
ويفيض الصمت أخبارا وذكرى وشذا
مثلما تهمي فيافي البيد ليلا بالحِدا
عندما تندب فيروزية
في ضمير الليل يرتد بأعماقي الصدى
نغما، إيقاعه شوك ودمع ومُدى
اّه ! " لا، لا تندهي ما في حدا " (2)
والزمان النحس لن يرجع يوما ما انقضى
أيها المقهى الذي يغفو على ناصية الشارع
لو تعرف ما طعم الحنينْ
عندما ترتسم الأطياف ملحًا في الجفون
ورؤى الأحباب نقشًا في الجبين
أيها المقهى الذي غبت ويومًا لن أراك
أيها المقهى الذي لن أتفيا أبد الدهر سَماكْ
ذاكر أنت لقاءات الرفاق
و" أبو نجم " إذا حدث في نبرته صوت ملاك
و "أبو نجم " رفيقي وأبو كل الرفاق
لوحت جبهته شمس "الخليلْ "
والنياشين على زنديه شارات مرور
أنه مر على كل السجون
أنا لاأعرف هذا اليوم شيئا
عن أبي نجم صديقي
كل ما أعرف عنه أنهُ
يحمل الرشاش دومًا في الأصيلْ
حالما أن يزرع الكرمة يوما في الخليل
أيها المقهى الذي يهجع في جفن المحالْ
خلف شطاّن ضوارٍ
دونها تندق أعناق الرجال
ولها ما شد يوما سندباديّ رحالْ
أيها المقهى الذي لم يدر ما دمع الرجال
عندما تومض يوما في العيون
قصة عن صاحب أدلج في ليل المنون
غاب، لن يرجع يوما
والذي يحلم أن يبصره
كالذي يقتات من كشف الظنون
في زمان يصبح الحبر دمًا فيه
وترتد القراطيسُ نصال
أنت مازلت ومن روادك الأحباب مازال "نضال"
وأنا ألمحُ في عينيه " يافا " بحرها والبرتقال
ونضالٌ كان أغلى الناس عندي
كنت في جبهته الشماء أستطلع هامات الجبال
وبعينيه بحار ما لها قط قرار
كان يهوى الأرض والشعر وشارات القتال
ويغني دائما للريح إذ تخطر من صوب الشمال
" ميجنا ويا ميجنا وياميجنا
ريح الشمالي يا نسيم بلادنا "
(1) الشاي الطوخ: هو الشاي الثقيل باللهجة العراقية
(2) مقطع من أغنية لفيروز
فيصل سليم التلاوي
الجزائر 10/2/1972
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق