وحيداً على شاطئ النهر، عبث بقدميه في ماء النهر، مشى على الشاطئ الرملي، هرول، جلس باسترخاء، عاد إلى مكانه الأول، كنت أراقبه من بين الصخور والأشجار، أَحسَّ بأن أحداً يراقبه، صاح مخترقاً الكون ومستعبداً الهدوء، مخلخلاً أمن اللحظة والطمأنينة التي ترقد بهدوء بالظلام، جال ببصره بالمحيط ، السكون عميقاً يغلف حتى الجانب الآخر من النهر، يتلفت يميناً ويساراً وإلى كل جانب، مثل جندي حريص على ربيته الدفاعية، لم يلاحظني رغم حذره ،كان يجلس القرفصاء، اقتربت منه ولامست كتفه، والتفت إلي بشده ،جلست أمامه، نظر ألي مستغرباً وكأنه، طفل يلتقي بأمه فارقته منذ عقد من الزمان، الابتسامة المستغربة تملأ شدقيه، :متى عدت : بل قل متى رحلت وفارقتك، : ما هذا أتمزحين
لا: ولكني أراك اليوم أكثر صدقاً، مما جعلك تسترخي وتنطق بحرية وبعفوية، على هذا الشاطئ الرملي، أنت والصمت واحد، من مرقبي وأنا أرقبك، لم أعد أعرف من أي باب أنفذ، أن استرخاءك مذهل
وأنا أرقبك حاولت أن أنفذ أليك، من الخارج وجدتك محلقاً ما أروع تمردك، بل ما أروعك وأنت تقترب من حد البكاء، أخيراً عرفت إنسانك لقد بدأ يتحرك، أحس أنني منعزل وتافه، أُعلن عن عجزي محاصر بذاتي، والعالم يكبر من حولي يستفزني، نحمل هماً كبيراً نحمل ذنوباً حتى ليست لنا، نحمل بعض الرغبات الممنوعة، ونضغطها في الأعماق الفارغة، نرى الأفواه وحدها تتحرك أمنح الآخرين الكذب، والشك كالموسى يقطع حتى أضلاع صدري، يقطع الطمأنينة ، الآن كل ما في الأمر أني أريد أن أعيش كالبشر، أعيش إنسانيتي ما فيها من طيبة في هذا البلد، جذبني من يدي وهب واقفاً وانطلق بي راكضاً، على رمل الشاطئ المبلل واحسسنا أنّا نطير فوق الرمل، الشمس واجهتنا وضع يده على عينيه يحجب الشمس، دوائر الشمس تتداخل مع بعضها بلون أزرق وهاج ، أشار بأصبعه إلى الدوائر الزرقاء : هل نستطيع حجبها، وفرحت له وبدأت أضحك، أنت رائع في انهيارك مذهل كشلالات جبالنا ، الزمن يمر والشمس وراء الليل تجري، ويوم آخر يمر وأنا مستمر فوق الرمال
أنقذيني- متى جئت أو ما جئت، قبل عشر سنوات رحلت وعدت قبل بضع ساعات، ماذا تريدين مني لا أدري أنا سجينتك وسجانتك أيضاً
أحياناً أجدني أعرفك ولكنني أقف على الأعتاب، دوافعك معتمة أضيع في سراديبها، يصيبني العمى وأفقد الطاقة على الخروج، اليوم لأول مرة أرى إشعاع الشمس، ومازلنا على الشاطئ الرملي جلسنا باسترخاء
الزمن لدينا غير ذي اعتبار، أبحث عنه في الظلام وعيناي مغمضتان، لنخرج من هنا ضحكت بشده ولم أرد عليه، لا يفلت مني بعدما تغير وكشف ما بداخله.
العراق/بغداد
26/8/2019
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق