وَأَقُولُ لِمَوتِي
كُن جَمِيلاً حِينَ تَقطُفُ رُوحِي
وَلَا تَعبَث بِمَصَابِيحِ قَصَائِدِي
وَلَا تُمَزِّق مُسَوَّدَاتِ حَنِينِي
دَع نَوَافِذِي مَفتُوحَةً عَلَى الدُّرُوبِ
فَأَنَا أَنتَظِرُ نَسمَةً تَهِلُّ عَلَيَّ
مِن سَمَاءِ بِلَادِي
وَصِيَّتِي إِلِيكَ يَامَوتُ
أَن تَطُوفَ بِرُوحِي
فَوقَ شَاهِقَاتِ مِيلَادِي
دَعنِيَ أُوَدِّع ضِحكَةَ الضَّوءِ
فِي عُيونِ الذِّكرَيَاتِ
سأسامحكَ بِكُلِّ مَاعِندِي
مِن عِشقٍ وَتَوقٍ مُزدَهِرٍ
وَدُمُوعٍ كَانَت تَنمُو كَشُجِيرَاتٍ
فِي بَسَاتِينِ لَهفَتِي
تَسأُلُ عَن مَهدِ عِشقِي
وَعَن مَوطِنِ أُولَى قُبُلَاتِي
يَامَوتِي
دَع أَصَابِعِي تَلمِس
وَجهَ النَّدَى الطَّافِحِ بِالشُمُوسِ
وَبِأَنفَاسِ اليَّاسَمِينِ
ثُمَّ خُذ مِنِّي مَا تَشتَهِي
مِن حَوَاكِيرِ الغِنَاءِ
وَمِن يَنَابِيعِ الأَبجَدِّيَةِ
واحملني عَلَى زِندِكَ
إلى حَيثُ يَدُلَكَ المَدَى
صَوبَ جِبَالِ السَّحَابِ
وَادفِنِّي في جَوفِ الصَّدَى
مَا عَادَتِ الأرضُ تتَّسِعُ لِهَزِيمَتِي
وَلَا عَادَتِ الهَزَائِمُ يُغرِيهَا انكِسَارِي
أَنَا يَامُوتُ مُتُّكَ قَبلَ أَن تَتَعَرَّفَ عَلَيَّ
أَعرِفُ طَعمَكَ مِن يَومِ
أَن عَرَفَتنِي الغُربَةُ
وَأَعرِفُ رَائِحَتَكَ مِن لِحظَةِ
أَن قَطَعُوا عَنّي هَوَاءَ وَطَنِي
فَمَاذَا سَتُمِيتُ منّي
وأنا أحَيَّا مِن غَيرِ رُوحٍ ؟!
وَقَلبِي خَلَّفتُهُ وَرَائِي
مَسكِينٌ أنتَ يامَوتُ
سَأُشفِقُ عَلَيكَ حِينَ لَن تَلقَانِي
وَتَكتَشِفُ أنَّي خَدَعتُكَ .
إسطنبول
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق