يقول FRANK SMITH إن مَثَل الطفل لما يدخل الحياة كمثل من يدخل نادياً يعلِّم فيه الأعضاءُ القدامى الأعضاءَ الجدد أشياء جديدة بشكل غير مبرمج وبدون تخطيط ، وذلك على عكس ما هي الحال في دور العلم .
إذن ، من حيث كيفية التعلم والاكتساب المعارفي ، فالمعايشة البيئية التي تتكون فيها معارف الطفل في البيت ( النادي/ المجتمع ) مغايرة للمعايشة البيئية في المدرسة .
التعلُّم في البيت :
هو تعلم غير مبرمج ، ويتم بالتدريج وحسب الحاجة بدون ضغوط ولا فروض - يتعلم الطفل عن القمر في الليل ، وعن الحيوانات لما يتعامل معها ، وعن الحمّام لما يتحمم ، وعن البحر لما يذهب إليه …إلخ - . يحدث هذا التعلم بالتجربة الذاتية أو بإرشاد الكبار في كل حالة من هذه الحالات نتيجة استجابة عفوية / لا قسرية.
ما يميز التعلم في البيت :
الشمولية ( النغمة والمقطع والكلمة والجملة …إلخ معاً وبدون تفريق بينها _ شمولية تعلم اللغة ) .
الأم تعرف كيف تتدرج في تقديم معارف جديدة لابنها عن طريق اللغة من المكان الذي قد وصل إليه في الإتقان اللغوي والمعرفي .
أما التعلم في المدرسة فإنه غير نابع عن حاجة ، إنه مفروض ومبرمج . ولذلك ففيه تهديد وفيه عَزْلٌ وإحباط ، وهو ، لذلك ، يطرح أمام الطفل استجابة قسرية للمشاركة وللتعاون .
من هنا يتضح لماذا يرى التلميذ في النشاط المدرسي ، على العموم ، نشاطا ميكانيكيا بالنسبة له وليس نشاطا طبيعيا .
لا بد ، إذن ، من أن يكون أول اهتماماتنا موجها إلى إثارة اهتمام التلميذ ، وإلى جعله في مركز العملية التعليمية دون أن نتغافل عن حقيقة الفروق الفردية من نضج ومن حاجات ومن معارف ومهارت مكتسبة حتى نعينه على مواصلة الاكتساب من حيث وصل .
هنا تكمن أهمية المسح الأولي الذي تجريه المعلمة لرصد اهتمامات التلميذ ومعارفه ومهاراته الكلامية
والقرائية والكتابية . المعلمة الجيدة لا تكتفي بتقييم عام لطلابها بل تسعى لرصد موقع كل منهم من النضج ، ومن المعارف والمهارات اللازمة للتعلم الذي تقود دفته في صفها لتكون على دراية بما يلائم كلا منهم .
المعلم كالجنائني ؛ الجنائني السيئ يهتم فقط بمعرفة ما نضج من الثمار وما لم ينضج ، أما الجنائني الجيد فهو من يهتم بالحقل كله ويهتم بكل نبتة فيه ويعرف ما يلزمها من عناية خاصة .
المعلم الجيد إذن هو من لا يكتفي برصد ما هو موجود فحسب بل يحدق فيما هو أبعد من ذلك ….!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق