( في ومضة سابقة اخبرت اعزائي أن فراشة
ترفرف داخلي.. وهاهي تطير إلى رموشهم
حالمة مستبشرة).
أَقْبَلَتْ آخِرَ اللَّيْلِ مَذْعُورَةً خَائِفَة
أَقْبَلَتْ مِنْ تُخُومِ الْخَيَالِ وَمِنْ
مَرْتَعِ الْعَاطِفَة..
تَرْتَجِي فِي الْهَوَى حَظَّهَا..
مَدَّتْ لِلسَّلَامِ الْيَدَا
كَأَنَّهَا كَفُّ مَعْشُوقَةٍ رَاجِفَة.
يَا فَراشَةُ لَا تَفْزَعِي
لَيْلُنَا مُشْرِقٌ بِالْمُنَى وَالْأَمَلْ..
هَاهُنَا لَا تَهابي الرَّدَى،
لَا وَلَا تَجْزَعِي،
هَاهُنَا رَوْضَةُ تَسْكُنُ الذّاكِرَة..
مِنْ دَمِي يَعْلُو زَهْرُهَا
مُثْقَلاً بِالشَّذَى
يَرٌتَجِيكِ وَلَوْ لَثْمَةً عَاطِرَة.
رَفْرَفَتْ فِي الَمَدَى
وَالْمَدَى لُغَةٌ رَحْبَةٌ سَاحِرَة..
لَمْ تَنَمْ لَيْلَهَا
لَا وَلَا أَوْقَفَتْ دَاخِلِي رَقْصَهَا!
كَانَتْ تَمْتَصُّ فُؤَادِي قَطَرَاتِ النَّدَى..
كُلَّمَا أَعْيَاهَا رَقْصٌ تَحُطُّ بِهِ
رَيْثَمَا
تَسْتَعِيدُ مِنَ الْقَلْبِ أَنْفَاسَهَا،
ثُمَّ تَمْضِي فِي رَقْصِهَا طَائِرَة.
طِيرِي،
يَا فَرَاشَةُ طِيرِي بَيْنَ الْحُرُوفِ الْحَائِرَة..
وَارْسُمِي مِنْ دَمِي وَتَراً لِلصَّدَى
وَارْسُمِي وَجَعِي قُبْلَةً بِالْجَوَى مَاطِرَة.
طِيرِي،
طِيرِي يَافَرَاشَةُ فِي رِئَتِي
أَوْطِيرِي فِي لُغَتِي..
وَامْرَحِي فِي الْمَجَازِ كَمَا مُهْرَةٌ نَافِرَة.
لُغَتِي مَاضٍ يُلْقِحُ الْأَزْهَارَ غَداً،
لُغَتِي لْيْسَتْ أبَداً عَاقِرَة.
لَيْلُنَا حَطَّ فَجْراً بِنَا
حَيْثُ أَعْيَانِي رَقْصُهَا وَالطَّرَبْ..
فَتَّحَتْ فِي فُؤَادِي بَاباً لَهَا،
ثُمَّ طَارَتْ إِلَى أَهْلِهَا حُرَّةً حَالِمَة..
وَبَقِيتُ أَنَا
بَعْدَهَا هَائِماً فِي الصَّدَى،
أَحْتَسِي وَحْدَتِي قَهْوَةً فَاتِرَة.
القنيطرة: 2020/02/15.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق