لا تَنخَدِع ..
لستَ بأوَّلِ القَتلَى
ولا بآخرِ الخائبينَ
طوالَ عُمرِكَ كُنتَ وَحدَكَ
صادَفَكَ ألفُ موتٍ وَمَوتُ
وجراحَ لا تعدُّ
وتعرَّضتَ لهجرٍ مريرٍ
واغتيالاتٍ جَمَّةٍ
وكنتَ تحملُ جرحكَ النَّازفَ
وتمضي لوحدِكَ
دَمعُكَ تُكَفكِفُهَا الأيامُ
وتكونُ الليالي عليكَ
طويلةَ المخالبِ
لا تُصَدِّقْ حُباً
يَقذِفُهُ السَّرابُ بِوَجهِكَ
لُهَاثُكَ يُزَيِّنُ لكَ القَحلَ
تظنُّ الرَّمَادَ سُكَّراً
وَتَتَوَهَمُ المِلحَ نَدى
أنتَ وَدَّعتَ قَلبَكَ
مُنذُ ألفَ عَامٍ
في جَوفِ المَوتِ
وَقُلتَ :
- لا حُبٌَ بَعدَ الغَدرِ
لا أماني لِرَجُلٍ عَرَفَ الانتِحارَ
كُنْ وَحدَكَ .. لِوَحدِكَ
لا تَمُدَّ يَدَيكَ للغَيمِ
فَهذا المَطرُ جَافٌّ
لا تَلمِسْ هذهِ النَّسمَةَ
فهذا الضَّوءُ مُدلًهِمٌّ
كُنْ وَحدَكَ
حينَ تَمشِي في جَنَازَتِكَ
إحمل نَعشَكَ
على أجنِحةِ السُّقوطِ
شيِّد مِن أوجَاعِكَ كوخاً
واسكن بِهِ لوحدكَ
افرش حُزنَكَ الوَفِيرَ
نم فوقهُ
وَتَدثَّر بالاختناقِ
ليسَ لكَ سوى وحدَتُكَ
لا تُصَدِّق ابتِسَامةً ظَنَنتَها
تَتَهادَى إليكَ
هي سُخرِيةُ الانهزامِ
جَاءَت لِتَعضَكَ
لا تَفتَح ذِرَاعَيكَ لِحُبٍّ مُتَرَنّحٍ
يُودِي بِكَ لِلجُنونِ
خُذ خطواتِكَ
مِنْ هذا الفَضَاءِ
سيكبلُكَ الشَّوكُ بالارتباكِ
عَجِّل بالفرارِ
مِنْ هذا الهوى
وانكَمِش
في سَرَادِيبِ القَصِيدَةِ
لا تلوِّح لهذا السَّدِيمِ
لا تفتح بَابَكَ
لِمَنْ سَيُهرِقُ نَبضَكَ
كُنْ وَحدكَ
عُشْ وَحدكَ
وَمُت لِوَحدكَ
فأنتَ النَّاجي الوَحيدُ
والمنتصرُ
أمامَ كرامتكَ
لا يَحنُو عليكَ الهلاكُ
ولا يرحمكَ من يجهلكَ
فأنتَ وحدكَ
كنتَ سَراباً من الانتصاراتِ
وكانَ الحَنانُ
يَشربُ من راحَتيكَ
وينهلُ من بوحكَ
فلا تَنخَدِع *.
إسطنبول.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق