سليلُ القصبِ الأصفر
لا يقبلُ الشطرَ الى نصفين
غجريٌ يخاصمُ الأرضَ
يتنقلُ من تربةٍ إلى طين
كلّما يسمعُ شخيرَ الوَله
بآذانِ فؤاده ، لا يبالي
يمشي برجلٍ واحدةٍ
في نياسمِ حقلِ الألغام
كأنّه في نزهةٍ
هدفه الوحيد
أن يصلَ إلى معبدٍ
ليقيمَ طقوسَ التبجيل
ولا يرجو الأعياد ،
اكتنزَ كميةً هائلةً من جوعٍ وعطش
يكفي لعشراتِ السنين
أيامَ القحطِ المربع
وساعاتِ غلقِ عيونِ البوصلة
بوجه الرّيح ،
يتضورُ سنبلهُ انحناءةَ الاصفرار
المنجلُ بيدِ مجانين الملوك ،
لا ملاذَ له هناك
رغم أنّه في رحيلٍ ينسابُ بلا تلويح
تسبقُ عيناه الشّمسَ
نحو مآقي البساتين
يسرعُ في تهدئةِ
الاشتباكِ بين النواعير والكلإ الأعمى ،
معصوبُ الرأسِ بخرقةٍ حمراء
حين يفكُّ مزلاجَ الأزمة
لا يعقدُ اجتماعا واحدا
مع الولاةِ ولا حتى العصاة ،
صدرهُ ثوريٌ له دويّ
كصرخةٍ طافيةٍ فوق النياشين
قبلَ موتِ أمهُ
ماتتْ على أصبعهِ الاوتار
وراحَ يغني لجيفارا بحنجرتهِ المهترئة
نشيدا ينتصرُ به الثوارُ
تثاءبَ الركام
عندما عرفَ سيبني سورا حول غاباتِ الفرارِ ،
نسي نفسه
يغالبهُ النعاس
رغم ذكائه لا يدركُ متى الاجتياح
من قنطرةٍ تمرُّ على جثته
كقطيعِ خرافٍ تجتّرُ الفراغات
صاحَ دونَ ان يراعي قيلولةَ الأموات
يا أولَ عبيرٍ في جبينِ الورد
يا أصعبَ حرفٍ على لسانِ الصبيان
يا أرقَ نسمةٍ تناغمُ صحوةَ الكثبان
يا آخرَ عاصمةٍ للصحراء
لكنه لم يقرّ يوما
أنّ بغدادَ تعاتبهُ بالهمسِ
إنها أمهُ في يتمه وشيخوخته
رفيفُ ثيابه يستحي من سكوته
تنعشهُ غيومُ الأبراجِ الوردية
وأيامُ البردِ المسيجةِ بالنار ،
كما قالَ العرّافُ قبلَ مراهقته بسويعات
سيكون مهاجرا
كي يكتبَ إليكم مراتٍ ويقاطع حاناتِ أبي نؤاس ..
—————————
البصرة / ٢٠-١-٢٢
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق