١ (الوتد )
قد يكون السبب تافهاً، الذي من أجله ركلني أبي بقدمه الصلبة، لكني وجدت نفسي في النهاية مكوماً في زاوية الغرفة! بالكاد أزحتُ يدي عن وجهي، وجدت أمي تحملق في وقد شحبَ لونها،تسابقتْ خطوات أبي نحوي، كان في سبيله لإعادة الكرّة على مايبدو، عندها فَجّرتْ جدّتي أكبر مفاجأة، أعترضتْ طريق أبي وهي تفرد ذراعيها ، سمعتها تقول له :
_عُدْ لمكانك، إياّك أن تفكّر بضرب حفيدي مرة أخرى، ليس وأنا على قيد الحياة. حَولتُ رأسي الأشعث صوب جدتي، كان ظلّها المنعكس على جدار الغرفة ضخماً وهي تقف في مواجهة أبي المندهش، قال لها :
_أنه وقح يا أمي، فَكرتُ بأن اؤدبه قليلاً. أمسَكتْ جدّتي بذراع أبي وأخذتْ تهزّها كما لو كانتْ تجذبُ غصناً من شجرة، قالتْ بصوت تخلّله سعال متقطّع :
_أنت تُحب الضربْ ، واضح أن الأمر يروق لك، تعال خارجاً اذاً. قالتْ هذا وشمّرتْ عن ذراعيها.(تمت)
٢ (غروب الأماني)
جدتي وهي تحتضر في غرفتها العابقة دوماً بدهن العود طَلبتْ حضوري، كنت لائذاً وسابحاً في عرقي وبقايا الدمع خلف شجرة السرو في حديقتنا العتيقة، جَذبني عمي من ياقة قميصي، أوقفني ثم جرّني خلفه، كان غاضباً ومحمّر الوجه، قال :
_أنت الأعز لديها، تريدك أنت، كُنْ هادئاً ودعْ روحها ترحل بسلام،هل فهمت؟. أومأتُ برأسي، أوقفني قبل أن ندخل،حدقّنا ببعضنا، كدتُ أضحك في وجهه، لم يكن يكبرني كثيراً، لكن زواجه القريب جداً أصبح الآن في مهب الريح، حاولتْ أن ترفع رأسها، ما أن رأتني حتى نشرتْ كلا ذراعيها، دفعني عمي نحوها فغبتُ وجدّتي في عناق تخلّلهُ نحيب أمي المنزوية، قلت وأنا أحاول نزع يد أبي عن رأسي :
_ سأبتعد عن الجري فوق السطح، ولن أرفع صوت التلفاز، فقط عديني أن لاترحلي، ليس عليك سوى أن تطلبي ذلك من الله، دوماً تقولين الرب يرى ويسمع، هيا جدة ارفعي يديك، لحظة سأساعدك. قبل أن أفعل، كانتْ ميتة !. (تمت)
العراق /بغداد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق