مرَّ شعاعُ نور بالقرب من قرية نّائية قبل أيام، وبدأ كل شيء فيها يتغيّر. بدأتْ حركة ماء النهر تتلاحق بشكلٍ مُلفتٍ وبهيج، وبدتْ حيوانات القرية كمملكة متحابّة منذ الأزل. سادتْ بين أهل القرية أُلفة غير معهودة. يطوفُ الأطفال دروب قريتهم بحبورٍ كبير، و يطلقون ضحكاتهم المرحة في وجوه الكبار.
قال حميد بصوتٍ مرتفع أمام أخوته الفلاحين: "مساء غد سيمرُّ شعاعٌ أخر فوق قريتنا مباشرة." يمتلكُ حميد حدساً غريباً، أو هكذا يعتقد أهل القرية. هو الوحيد الذي يثقون به.
"نحن بالانتظار،" صاح محمود بمرح.
في اليوم التالي، قبل غروب الشمس بقليل، بدأتْ الأشجارُ تتمايل طرباً وابتهاجاً، وأخذتْ الحيوانات تقترب من بعضها بحميميّة كبيرة، بدا النهرُ وكأنهُ يعكس فرح الجميع ولهفتهم.
قال حسين، راعي القرية الأمين، وهو في حالةِ انتشاء صوفية:" الحمدُ لله على هذه النعمة التي أنعمها اللّه علينا. كانت أيّامنا قبل مجيء شعاع النُّور تمرُّ برتابةٍ مُملّة، وكان الضجر يلفُّ نفوس غالبيتنا. لم يكن أحدٌ يسمعُ نغمةَ فرحٍ أو كلمة حبّ. الآن بدأتْ تتغيّر النُّفوسُ والأشياء معاً. ربما أوشكَ عهدٌ جديد على البزوغ.
لم يفهم أحد في القرية سبب هذا التغيّر ّالطارئ، وأقنعوا أنفسهم على مرّ الأيام أن شعاع نور قريتهم هذا هبة جديدة كانوا قد حُرموا منها لأزمنةٍ طويلة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق