منذ أن تعرّفتُ على فاطمة وأنا في شوق جارف إليها. أحمل لهفتي لها طوال الوقت وأتحدّث عنها وعن أقوالها وحركاتها.
فاطمة فرح ملوّن الجناح يطير حولي. قبل أن أعرفها، كانت أيامي كئيبة وداكنة، وكان الضجر يلفّ حياتي. لكني، بعد أن تغلغلتْ نظراتها إلى أعماق وجداني، انتعشتْ كوامن نفسي وصار ينتابني فرح خفيّ.. رغم تعاسة أيامي.
أتذكر كيف التقينا أول مرة. ربما اختلط ما حدث فعلاً بما نسجتُه في خيالي من كثرة التكرار، لكني أذكر أنه كان أعذب لقاء في حياتي. أتذكر كيف كنتُ ألحق بها في الدروب الضيقة إلى مكان عملها؛ كيف كنت أنتظر خروجها كمن ينتظر مولوداً؛ وكيف كنت أطير من فرحي حين ألمح هالتها.
في ظلام الزنزانة، بعد أن يحلّ السكون في الخارج، أحلم بها. أحلم بأيام جميلة سنقضيها معاً، بعيداً عن السياسة والهموم. أحلم ببيت واسع سيجمعنا، بصخب أطفالنا ومشاكلهم، وتفاصيل أخرى كثيرة.
فاطمة منحتني يقيناً جديداً يضيئ عتمة أيامي الطويلة. أردّد اسمها كلّ يوم كما أردّد مقطعاً من أغنية قديمة للمطربة العراقية سليمة مراد:
"هذا مو إنصاف منّكْ غيبتكْ هلكَد تطولْ
الناس لو تسألني عنّكْ شَرد أجاوبهم شكَوْل؟"
فاطمة، حبيبتي، ربما لن أراك مرة أخرى؛ لكني، وبكلّ ما تبقى فيّ من حبّ في عفن زنزانتي، أحبّك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق