رحمك الله وجعل الجنة مأواك وألهم ذويَك الصبر والسلوان وانا لله وانا اليه راجعون
.
الشاعر الأديب عبد الزهرة قامة أدبية مرموقة له باع طويل في الشعر والأدب والثقافة.
عانى كثيرا من المرض. وكان مؤمنا بقضاء الله وظلّ وهو على فراش المرض يقدم العديد من القصائد الجميلة وهو يرثي نفسه.
للفقيد الرحمة ولآله واصدقائه ومحبيه حسن البقاء.
ولعل نصه (النفس الأخير) التالي يعطينا فكرة كم كان هذا الفقيد مؤمنا ومثابرا ومسلما أمره لله بحيث لم ينس ما تعانيه الناس في هذه الأيام:
النفس الأخير
—————
أتناولُ وقتَ الفطورِ
قدحاً من اللامبالاة
مع كسرةِ أملٍ بائنةٍ
في قدرٍ مطمور ،
مع عددِ قليلٍ من السجناء
في معسكرِ تحريرِ الروح
من رذائلِ الحكام ،
كنتُ أتزعمُ إحدى العصابات
قررتُ ذاتَ حبسٍ انفرادي
أن أشقَّ نفقاً يؤدي إلى العاصمةِ
بغداد ، أخططُ مع المجرمين
أن نصلبَ الخريطةَ بمحكمةٍ صورية ،
القاضي الأول من عصابتنا
هو الآخر قررَ ألا يكون إلا مع الذي يكون
مثلنا ، نشبهُ الحرفَ المثبتَ
في بطاقةِ أحوالنا الشخصية ،
أنّنا موزعونَ على نسائنا بالتساوي ،
ليس فينا مغبون ،
الفائضُ منا جنديٌ يقطنُ على الحدود
أو أدنى بشبرٍ واحدٍ
سريرهُ الخندقُ
يتوسدُ العتاد ،
تغطي بياناتُ المعاركِ رسائلَ حبيبته ،
بعدما تهشمتْ ملاعقُ النبشِ ،
التوى مسارُ النفق ،
أنهكَ اللهاثُ القدرةَ العقلية ،
قلتُ لجماعتي
-ساعة الترويضِ المسائي-
أنّ قضبانَ الحلمِ محدودةٌ
لا تتعدى دائرةَ رغيفٍ ولا تتخطى مواقدَ الطهاة ،
أثناءَ النومِ الاجباري
كتبتُ لنفسي قصاصةً
قبل أن أدسّها في جيبِ بدلتي الوردية
"أنا لستُ مناسباً لكلِّ الاحجام
لم أكن يوماً
مفتاحا بيد السجّان ،
لم أكنْ حصانا
أركضُ أمامَ الحوذي
أقودُ نفسي بنفسي
إلى الأعلافِ والمرجان
أتزودُ من أصحابي
أدواتِ الكتابة ،
استعيرُ حقيبةَ الصيّدِ من الكسلان ،
أما الحياةُ عندي
كسيجارةٍ ترمى على جنبٍ
حينما تصلُ إلى النَفسِ الأخيرِ" ٠٠
…………………
عبدالزهرة خالد
البصرة / ١١ - ٤ - ٢٢
.
لك الرحمة أيها الكبير
...
محبتي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق