مع إشراقة كل صباح يومٍ يتم اكتشاف شيءٍ جديد, يتوالد ملايين من المخلوقات ويموت الملايين, هكذا الحياة تدور, وهكذا تستمر دائرة الحياة من جديدٍ إلى قديم ومن قديمٍ إلى جديد,
دائماً يردد هذه المقولة المستكشف الصغير " سعد " وقد حفظها من أبيه عن ظهر قلب ..
ودائماً كان يرددها من حين لآخر,..........
ذلك الشاب الوسيم الثلاثييني حاز على جوائز عديدة قيّمة نتيجةً لأنه أبلى في العلم بلاءً حسناً, فقد كان مثل أبيه عالماً فذاً أفاد البشرية والعالم أجمع .. رحل أبوه وتركه ليكمل مسيرته في الحياة, فهو مخترعٌ عظيم , ترك للعالم أروع الاختراعات والاكتشافات التي أفادت البشرية والعالم أجمع, إلا أن هوايته المفضلة البحث عن الأماكن الأثرية القديمة والحفريات, فقد كان ولا يزال منذ صغره تتردد في فضاء عقله قصة خرافية يعرفها كثيراً من الناس غرق جزيرة أطلانطس تلك الجزيرة التي تحمل عدداً مهولاً من السكان , وكان دائماً يتساءل مع نفسه من حين لأخر ..؟! ........
ــ كيف تغرقُ جزيرة كبيرة إلى هذا الحد ..؟!!!.. وهل مات حقاً كل سكانها جميعا أثناء الغرق ولم ينجو منهم ولا حتى فرد واحد ..؟؟ !!! .. وما سر اختلاف كثيرٌ من العلماء والباحثين والمستكشفين عن موقع الجزيرة .. ؟؟!!!..
والكثير الكثير من تلك الأفكار التي تترنح من حين لآخر في رأسه منذ صغره وهو يحاول البحث والمعرفة ليشفي غليله ويجد الأجوبة عن أسئلته لتلك الأسطورة القديمة ..........
وبينما هو غارق في تفكيره, منكباً على كتبه العتيقة, جالساً في مكتبه, يفكر في تلك الجزيرة التي حيرت العلماء والباحثين ..
يرن جرس الهاتف .. يأتيه صوت مساعده الخاص من بعيد :
ــ يا دكتور توصلت لمخطوطات قديمة قيمة جداً
ــ الو مين معايا
يأتيه نفس الصوت ليواصل كلامه متعجبا مندهشاً
ــ وكذلك وجدت مخطوطات بلغة غريبة وكل المخطوطات ترمز لغرق جزيرة في المحيط الاطلسي أظنها هي جزيرة اطلانطس , التي نبحث عنها .
قام من مقامه , وهو يجيبه بفرح وابتهاج ولا يكاد يصدق ما يسمعه ,
ــ خبر جميل جداً .. أنا جاي لك حالاً , انتظرني
يذهب الدكتور " سعد "مسرعاً إلى مكان مساعده , وبكل حماس يستقبله صديقه , يقدم له المخطوطات فيطلع عليها فيجدها بالفعل ترمز إلى غرق جزيرة اطلانطس في المحيط الأطلسي ووجد هناك مخطوطات أخرى تختلف تشير بأن موقع الجزيرة ليس في المحيط الأطلسي , فيرجع الدكتور " يحيى إلى بيته بنفس الحيرة , وهو حزين جداً، وكأن اليأس قد أغرقه كما غرقت جزيرة اطلانطس , وبينما هو في هذه الحالة جاءته فكرة جهنمية .. وقال لنفسه :
ــ لماذا لا اذهب إلى القبو وأبحث في كتب أبي القديمة وفي تلك الأوراق المبعثرة التي تركها لي أبي , لعل وعسى أن أجد فيها شيئاً بخصوص هذا الأمر
وبعد دقائق معدودة كان في القبو المنزلي الذي فيه مكتبة أبيه وأغراضه القديمة , ...
يتذكر شيئاً من الماضي , يجري بسرعه نحوه لعل وعسى أن ي يفيده يمسكه بيده , ينظر فيه بتركيز , ذهب عنه عقله حين يجد كتاباً قديماً من كتب أبيه بداخله مخطوطات وأماكن جغرافية قديمة , ذاهباً هنا وهناك , فيقرأ ويقرأ وكأن طرف الخيط أمسكه بيده, وبعد تفكير عميق صرخ من الفرحة بصوت عالي قائلاً :
ــ أخيراً وجدتها .. !
يحد خطواته , يمشي في أرجاء المنزل, ينزل إلى قبو أبيه مرة أُخرى ليتأكد من شيء ما قد نسيه وبعد تفكير عميق, وهو يحاول أن يتأكد من معلوماته التي جمعها عن تلك الجزيرة الغارقة في قاع المحيط الاطلسي, ضحك في نفسه , ثم عاد ليستريح على أريكته وهو يشاهد بعض الفيديوهات التي تتحدث عن هذا الأمر, وهو يقلب في الأوراق التي بين يديه فقد كان يعتقد في الماضي بأن القصة برمتها لا تعدوا أكثر من خرافة , أو خيال علمي ......
لحظات قليلة يجد نفسه متيقناً بصحة المعلومات التي جمعها بين يديه , وقد أدرك بان موقع الجزيرة المفقودة في المحيط الأطلسي فعلاً, وبأنها في منتصف المحيط , وعرف ذلك من خلال بحثه وقراءته, وبأن الاستكشافيون الذين يذهبون إلى هناك لا يعودون مجدداً، وكأنهم يختفون نهائياً من على وجه الكوكب الأزرق .......
أشرقت الشمس .. جمع الدكتور "سعد" طاقماً من الرجال الأقوياء شديدي البنية بالإضافة إلى مساعده متجهين عبر سفينة إلى المحيط الأطلسي .. ساروا عدة أيام وهم لم يصلوا بعد , ....
وفي لحظةٍ من عمر الزمن ترشدهم البوصلة ويكتشفوا أنهم بالفعل في منتصف المحيط الأطلسي , فيشعروا بالتفاؤل , والأمل ...
وسرعان ما يفاجئ الجميع بإعصار شديدة قادم تجاههم وبرعد وبرق وصواعق فيقرروا على الفور بالابتعاد عن تلك المنطقة المشؤومة فقاموا بحركة سريعة بتغيير اتجاه السفينة التي تقلهم حتى لا يكون مصيرهم الغرق المحتم متجهون بالبوصلة إلى نقطة آمنة وعلى بعد عدة أميال من وسط المحيط في ماء يتمركزوا حتى تهدأ تلك العاصفة القوية ويتمكنوا من الغوص .........
أيامٍ قلائل يهدأ الجو فيها ويصفوا, فيرتدون قارب مطاط , ينطلقوا حيث نقطة الصفر التي سيبدئون منها الغوص, وذلك حينما رأوا اختفاء الأعاصير من حولهم , وقد أشرقت شمس التفاؤل والأمل , من خلف غيوم اليأس ..
" وبينما هم مستمرون بالغوص, اذ هم يفاجئون أنهم أمام ما يشبه قوقعة عملاقة من الزجاج السميك الشفاف .. فيقتربون منها أكثر، ومن خلال الزجاج الشفاف ينظران فيرون أن بداخلها مباني جميلة , وبشر , وكأنها مدينة مغلفة بالزجاج بنيت تحت الماء, فيندهشون جميعاً من هول ما يروا ،وزاد في اندهاشهم عندما وجدوا بوابة عظيمة الحجم والطول لتلك القوقعة الزجاجية الضخمة العملاقة ، فيبدئون بالطرق عليها بأيديهم في إشارة منهم لإخبار من بالداخل أنهم يريدون الدخول إليهم, وإذ بشعاع ضوئي موجه نحوهم فيجدون أنفسهم بداخل الجدار الزجاجي .. وهنا يلتف حولهم سكان تلك المدينة المائية ، فيأخذ أهل المدينة بالترحيب بهم ، وقد وضعوا على رأسهم آلة تشبه جهاز الترجمة الفورية , فيتحرك الدكتور ومساعديه بينهم وكأنهم على الأرض, وهم متعجبون مما يحدث حولهم, يسألونهم :
ــ ما هذا الجهاز الذي قد وضعتموه على رؤوسنا ..؟! ، وكيف تتكلمون بلغتنا وأنتم معزولون عن العالم..؟!، وما سر هذا الضوء الذي جاءنا ونحن في الخارج ..؟!,وكيف تعيشون هنا..؟!
فينبري واحد من الجموع وهو يبتسم لهم قائلاً :
ــ نحن لا نعرف لغتكم ولكن وضعنا لكم جهازاً يجعلكم قادرين على فهم لغتنا ونحن كذلك لدينا جهاز يجعلنا قادرين علي فهم لغتكم ، أما هذا الضوء فهو آلة تحكُّم لدينا نستطيع من خلاله إدخال أي شيء من خارج الماء إلى الداخل , فنحن لدينا اختراعات عديدة تفيدنا جداً بالبقاء داخل الماء, وتجعلنا نستغني عن العالم الخارجي .......
ــ هل أنتم بالفعل سكان جزيرة اطلانطس الغارقة ..... ؟؟؟!!!
ــ نعم نحن كذلك وسوف نخبركم بالقصة كاملة،
ثم يًطلب منهم هذا الرجل أن يذهبوا معه أولاً حيث الاستراحة التي أعدوها خصيصاً لكبار الزوار , وهناك سيكمل لهم القصة كاملة لينقلوها عنهم اذا ما رجعوا إلى قومهم , فلا يجدوا أنفسهم إلا وهم منساقين معهم إلى حيث أرادوا ,..........
وفي الطريق وجدوا أموراً عجيبة , وكلما سألهم الدكتور "سعد " تفسيراً لما يرى يصيحون كلهم في نفس واحد فيما يشبه النشيد الغنائي قائلين له :
ــ نحن أبناء جزيرة اطلانطس العريقة نفتخر بحضارتنا نحن وأجيالنا القادمون ..
وهنا يلزم الجميع الصمت وقد أخفى كل من الدكتور" سعد " ومساعديه في أنفسهم ابتسامة خفيفة خوفاً وقلقاً حتى يصلوا إلى حيث أرادوا, ويرحب بهم مرة اخرى, ويسألهم من جديد :
ــ ها نحن قد وصلنا نريد معرفة حكايتكم المشوقة ..
وهنا يظهر واحد أخر منهم من وسطهم عليه هيبة ووقار ليكمل لهم حديثه عن الجزيرة , ويقص عليهم الحكاية , وهم جلوس يستمعون باهتمام بالغ ..........
ــ كان أجدادنا سابقاً يقومون باختراعات عجيبة على سطح الجزيرة ربما اختراعات اخترعوها كي لا يشعروا بالعزلة عن العالم ، كونهم بجزيرة ضخمة وسط المحيط ، ومنذ البداية الأولى لأجدادنا كان لهم ذكاء خارق يفوق معدل ذكاء الانسان الطبيعي عشرون ضعفاً ، ولكنه ذات مره كانوا يقومون باختراع من اختراعاتهم ، وقد تم به عطل مصاحب بانفجار أدى إلى زيادة موج البحر بدرجة عملاقة وأغرق الجزيرة بأكملها ، وأما الناجين قاموا بصنع قوقعه زجاجية صلبة شفافة تجعل جزيرتنا موجودة حتى داخل الماء ونحن أكملنا مسيرة أجدادنا وقمنا بحضارة عظيمة أفضل من حضارتكم التي تتباهون أنتم بها فوق الماء ،
وهنا يسأله الدكتور " سعد " مندهشاً وهو يقول له :
ــ ولماذا لم تخرجوا إلى سطح الماء كل هذه الفترة من الزمن حتى يعرفكم الجميع ، ويعرف حضارتكم العريقة المدهشة تلك , ويرون تقدمكم والاختراعات الحديثة التي فاقتنا نحن الذين نعيش فوق الماء , ولم ننجز ربع ما انجزتموه أنتم من تقدم تكنولوجي ، وعلمي
فيجيبه هذا الرجل الوسيم , والتي تبدوا عليه علامات النجابة , والذكاء قائلاً له :
ــ لأننا تعودنا علي البقاء هنا بموطننا مكملين حياة آباءنا وأجدادنا كما توارثناها ، ولكن نسيت أن اسألك .. من أنت فنحن لا نزال نجهلك .. ؟؟!!!
وهنا ينهض البروفيسور " سعد " واقفا ليجيبه بكل فخر وزهو :
ــ أجل ، معذرة نسيت أن أقدم لكم نفسي أنا الدكتور " سعد " مهتمٌ بالبحث العلمي, وحاصل على شهادات علمية كثيرة , وأنا صاحب أعظم اختراعات وأروع اكتشافات ، ورثت حب العلم والمعرفة عن أبي وبالرغم من أنني مستكشف ومخترع إلا أن منذ صغري وانا أبحث عن تلك الجزيرة وعن حقيقة غرقها وقد اكتشفت أن ما لديكم من اختراعات يفوق كثيراً ما كنت أتصور, ويفوق جميع المخترعين .. ولسوف أخبر العالم أجمع عن وجود حضارتكم العظيمة والمثيرة للإعجاب .
ــ تشرفنا بمعرفتك ... مع العلم أنه لست أول من يزورنا من المستكشفين
ــ ماذا !!! وهل هناك غيري سبقوني إليكم ؟؟
ــ أجل هناك بعض المستكشفين الأذكياء أمثالك الذين نجوا من الأعاصير المائية ، وجاءوا إلينا ورحبنا بهم ولما أعجبهم حالنا عاشوا معنا وفضلوا العيش في رغد الحياة على الشهرة وقد تجد منهم من يحضرنا الان ولا يريدون أن تتعرفوا عليهم ,..
وبعد أن مكث الدكتور " سعد " ومساعديه معهم بعضاً من الوقت استأذنوا منهم للعودة إلى السفينة , فأذنوا لهم وقاموا بالوداع وهم يعدوهم بالزيارة مرة أخرى , ووعدوهم أيضاً بأنهم سيخبرون العالم كله عما رأوا وشاهد في جزيرة اطلانطس والتي تقع في وسط المحيط "...
يرن جرس الهاتف .. ينتبه .. يخرج من شروده .. يمسك بالهاتف .. يأتيه من الجانب الأخر صوت مساعده ليخبره أنه في الطريق إليه, لأنه يحمل له خبراً مدهشاً, وبشرى سارة ......
وبأنه وصل إلى شيء جديد بخصوص الجزيرة الغارقة
وهنا يجد الدكتور " سعد " نفسه مازال على أريكته جالساً أمام شاشة العرض الكبيرة وهي مازالت تعرض الفيديوهات التي يتابعها عن جزيرة اطلانطس وهي تدور أمامه .. وأكتشف بأن كل ما رآه في الجزيرة ما كان إلا حلماً جميلا , وخيالا يراوده بالسفر إلى المحيط الأطلسي للبحث عن الجزيرة الغارقة في الماء ........
*****************************
تمت 25 / 8 / 2022 ــ فارس على حزين ــ طهطا ــ سوهاج ــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق