لَبِسَ الكونُ جلابيبَ السَّوادِ
ونحيبٌ قد علا في كلِّ نادِ
لمصابٍ قد بكتْهُ الأرضُ طُرّاً
وبكاهُ العرشُ من فرطِ الحدادِ
أنبياءٌ كم وكم بالوجدِ منهمْ
مُقَلٌ تذرفُ دمعاً في سهادِ
سلْ صخورَ القدسِ تحكي عن دماها
تنزفُ الأحزانَ همَّاً بازديادِ
سلْ تراباً عن نزيفٍ منهُ يغلي
عندَ زوجِ المصطفى بالنَّدبِ شادِ
سلْ ذبيحَ البيتِ سلْ يحيى وعيسى
هلْ تساوى الذبحُ ما بينَ العبادِ
سلْ دموعَ الدهرِ عن سبيِّ اليتامى
سلْ ترابَ الطفِّ عن تلكَ الشِّدادِ
سلْ رماحاً سلْ سيوفاً ماضياتٍ
سلْ جموعاً كيفَ جاءتْ بالقتادِ
سلْ خيولاً كيفَ جالتْ في طفوفٍ
طافَ فيها أنبياءٌ بالجِسادِ
ما حكى التأريخُ قتلاً مثلَ هذا
وصموداً أحمديِّاً بعنادِ
هذهِ زينبُ تُسبى في ذهولٍ
معها جمعُ يتامى في صفادِ
وخيامٌ أُحرقتْ بالنارِ حقداً
دُهِشَ الأطفالُ من ذاكَ الطِّرادِ
وعيونٌ غرضاً للسهمِ صارتْ
كفُّ جودٍ قطعوها من جوادِ
وصدورٌ داستِ الخيلُ عليها
هي قد داستْ على كلِّ اعتقادِ
من هوانِ الدهرِ صدرٌ احمديٌّ
يعتليهُ الشمرُ من غيرِ انتقادِ
وشفاهٌ لعبَ السّوطُ بها كم
قبلةً اطبعَها فوهُ الرَّشادِ
ورقابٌ حزَّها السيفُ بخوفٍ
كيفَ حزٍّ السيفُ رأساً من ودادِ
ذُبِحَ الطفلُ رضيعاً بسهامٍ
فاحَ منها ريحُ غدرٍ وارتدادِ
وسقاهُ النَّحرُ أشجانَ فؤادٍ
في كريرِ العرقِ عصفٌ من معادِ
صيَّرتْ منهُ الدواهي بحرَ قولٍ
قد حكى خسَّةَ عصرٍ للنقادِ
وبكينا الحقَّ دهراً سرمدياً
وتباكى كلُّ حيٍّ وجمادِ
لمصابٍ ما سمعناهُ قديماً
منذُ عادٍ إرماَ ذاتَ العمادِ
لا حديثاً في شعوبِ الأرضِ طُرّاً
لا يُجارى باضطغانٍ واسودادِ
وأصابَ الغمُّ أرواحَ البرايا
ثم تِيْهٌ في دهاليزِ الفسادِ
كيفَ لا والدينُ عانٍ بالبرازيا
مًذْ أتى بالصاهلاتِ ابنُ زيادِ
واعتلى الكرسيَّ سكيرُ زنيمٌ
بدَّلَ الأحكامَ من غيرِ سدادِ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق