وحيدة* وسطَ هذا السديمِ الموحشِ تتجهّمني أعينُ الطريقِ يرعبني أزيزُ السكونِ وتنهكني قراقرُ بطني الخاويّةِ لا حولَ ولا قوّةَ لي علىٰ دفعِ شرِّ نسرٍ متربص بي ، بالله عليكَ ارحمْ ذلّي وانكساري لستُ ككلّ الطرائد لا أكتنزُ لحماً وبدني خالٍ من الشحومِ ماذا ستفترس !؟ ضآلتي دونَ صيصيّتِكَ ستلفظُ عظمي قانصتُكَ تُظْمِئكَ ملوحةُ جلدي ولا تجرع مرارةَ دمي لا تكنْ أنتَ ومَنْ سلبَنا رداءَ العافيةِ علىٰ خطٍّ واحدٍ فلا تجني من هذهِ الصفقةِ غيرَ سخامِ قدْرٍ مضغتْهُ أفواهُ الجشعِ هرستْهُ طواحينُ الحربِ نهمتْهُ أيدي الحرصِ في مذبحةِ الرغيفِ الأسود تحتَ شراعِ المسغبةِ ولم تبق لنا إلاّ الفراغ نصيبنا من تلكَ القسمةِ الضيزى في بلادنا الموتُ أرحم فالتهمني ولا تغصّ بي فتزيد أعدادَ الجثث ..
أنا** وإنْ كنتُ من الجوارح لكنّ شموخي يأبىٰ أنْ أكونَ وضيعاً يرضى بفضلةِ صيد الضباعِ وأنا طائرٌ قشعم كمْ تغذيتُ من طرائد الأرضِ والسماءِ رزقي يأتيني صبحَ مساءَ ولا حاجة لي بهذهِ اللمّاظةِ ولا لهذهِ الضُغامةِ لكنّ نبل نواميسنا يدعونا لمعاكسةِ وضاعةِ الطغامِ فقدْ جرّعوكم مرارةَ الحياةِ كأساً مصبّرةً ونسقيكم شهدَ المماتِ ريّاً رويّاً .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق