أبحث عن موضوع

الأحد، 28 فبراير 2016

المُزحَـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــةُ ( قصة قصيرة ) ................ بقلم : مجيد الزبيدي // العراق




في صبيحةِ أحَدِ الأيام تفاجأتُ بوجودِ حيّةٍ رقطاء ملتفّة حول نفسها ولسانُها المشقوقُ يبرز من فمها داخل درج مكتبي في دائرتي ؛ جعلتني أرتدُّ إلى الخَلفِ بقوّةٍ مرتطماً بالجدار ،مع صرخةٍ مكتومةٍ غطّتْ عليها ضحكاتُ زميلتيّ اللتينِ يشاركانني مكان عملي .في الحال عرفتُ أنه مقلبٌ والحيّةُ بالتأكيد لعبة ٌ مطاطية ،وإن بَدَتْ حقيقيةً تماماً. ورغم انتهاء فاصل الضحك الطويل وتناولِنا أكوابِ الشاي ؛لكن داخلي ظلَّ متو
تّراً، أحاولُ جاهداً أن أبدو طبيعيا أمامهنَّ .قدّمتْ زميلتي (أحلام ) اعتذارها عن مزحتها الثقيلة ، فطمأنتها أن الأمرَ بسيط ولا يدعو للزّعل ، لكنني في الحقيقة أضمرتُ لها في نفسي مقلباً لا تتوقعه منّي أبدا...
بعد مضي أكثر من شهرٍ على المقلبِ الذي صار يتندر به كلُّ زملائي الآخرين ؛ قرّرتُ الانتقام من (أحلام ) .ففي إحدى العطل الرسمية، قصدتُ سوقَ الغزل الذي تُباع فيه أنواعُ الحيوانات والطيور . أبتعتُ حيّةً حقيقيةً منزوعةَ الأنياب ، مرعبةَ المنظر. أمسكَ بها البائع وراح يقلبها بين يديه ويضعها لزيادة طمأنتي حول عنقه، ثم وضعها لي في كيس وكأنه بائع حلوى. تحمّستُ تماماً للمقلب الذي سأّجَرّعُ مرارتَه لزميلتي (أحلام) . كنتً قد أخبرتُ قبل يوم زميلتي الأخرى بنيّتي وضع (حيّة مطاطيّة ) في حقيبة زميلتنا (أحلام) مثلما فعلتْ معي، وأقنعتها هي من تقوم بفتح الحقيبة ووضع (الحيّة المطاطيّة) كما أوهمتها .ولم تشكّ لحظة واحدةً ،أن الحيّة هذه المرّة حقيقية. لم يكن من الصعب فعل ما كنّا نويناه . إذ ما أن غادرتْ زميلتنا الغرفة لتوصيل ما أنجزته إلى السيد رئيس القسم ؛ حتى ناولتها الكيسَ ؛فأسرعتْ بدسِّهِ في حقيبة زميلتها( أحلام ) ، ورجعنا مُكبَّينَ على الأوراق التي كانت أمامنا. بعد دقائق عادت ( أحلام) فرحةً مستبشرةً بالمكافأة التي حَصَلتْ عليها من السيد مدير القسم لسرعة إنجازها عمَلها ومثابرتها في انجاز الأعمال التي تناط بها. كنّا نتحرّق شوقاً أن تقومَ بفتح حقيبتها. ولمّا لم تفعلْ ذلك، قلتُ لها بخبث : بمناسبة المكافأة زميلتي العزيزة ، يجدر بكِ أن تطلبين لنا ثلاث لفات كباب مع قناني بيبسي ،ألا نستحق منكِ ذلك؟. قالت: بل تستحقّان . نادتْ على الفرّاش (نعيم ) ليأتي لنا بها . أسرعتْ بفتح حقيبتها الكبيرة ، لتعطيه النقودَ ،ونحن ننظر إليها من طرفٍ خفي ، لكي نرى وقعَ المفاجأةِ عليها. نظرتْ (أحلام)إلى داخل الكيس، ضحكتْ بقوّة وهي ترفعه وتنظرُ نحوي قائلة : هه .. هه .. يا لخيبتك !!كانت حيّتي أجمل ،كأنها حقيقية، أتظنني خفتُ من حيّتك؟.ثم رمتْ الكيس نحوي؛ سقط على الأرض ؛فإذا هي حيّة تسعى على بلاط الغرفة. فدوّتْ من زميلتيَّ صرخاتٌ عاليةٌ ملأتْ سكونَ دائرتنا ، جعلتْ غرفتَنا تمتلئ حالاً بالموظفين رجالا ،ونساء ، وقد عَقَدتْ ألسنتَهم الدهشةُ من الصراخ ، ولمرأى الزميلتين الساقطتين على الأرض ،فاقدتَي الوعي، والحيّة تتحرك تبحث عن مكان آمن لها خلف أحد الدواليب.
أظنني لاأحتاج أن أذكر لكم ما حصل لحظتئذٍ، لكن الذي حدث في نهاية الأمر. بعدأن إطّلعَ الجميعُ على حقيقة ماجرى ،هو العقاب الإداري الذي جعلني خارج الوظيفة ، والمبلغان الكبيران اللذان فُرِض عليَّ أداؤهما لعشيرتي زمليتيِّ العزيزتين ؛ بعد جولتي الفَصْلَين العشائريين، اللذان قصما ظهري ، وجعلاني حائراً كيف أستطيع تأمينَهما ، رغم أنني قد بعتُ مصوغات زوجتي المسكينة وحصتي من دار أبي الموروث عنه رحمه الله.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق