.للنص بصورة ما بعد الحداثة
*****
للشعر قدرة على حملنا إلى مركز فقدناه ، فهو ما يصلنا بالجزء العميق فينا حيث يمكننا أن نعثر على الخيط الذي يربط الإنسان بالكون المحيط به. وبالنزول إلى هذا العمق، سيكون بمقدورنا أن نكتشف قدراتنا التي تتجاوز منطق فكرنا لتلامس الخيال والحدس الإبداعي.
نحن الآن نمرُ في زمن سريع جدا لكن ما أود قوله هو زمن التطور ، أننا الان نمضي نحو أدبا رصين خالي من التشوهات والشوائب ، رصانة الحرف والمفردة الحقيقية احد أسباب نجاح قصيدة الحداثة أو النص الحديث ، الأسباب هو الاختيار الحقيقي ، التأني في صياغة النص ، وحدة الموضوع الرئيسي ، السيمائية التي تحوي النص من جميع الجوانب ، والاهم من هذا التوظيف الجيد لمحتوى النص .
اختلفت الاجناس الأدبية الحالية لكن تبقى الرؤى نفسها ولأنها تصب بدائرة الادب ، أي لو قلنا الان أصبح للشاعر حرية أكثر بمداولة المفردة والتلاعب فيها من حيث ما يتطلبه الواقع ، قصيدة النثر ، أو النص النثري يمر بمراحل جميلة ، أصبح عنصر الدهشة أكثر وضوحا ومنفتح نحو فضاء أوسع ، الحرف أصبح حضاريا نسبة لما نعيشه في الان الحالي ،
لاشك أن الأثر الجمالي، هو قيمة القيم التي يريد العمل الفني بلوغها ، ورغم ما يكتنف اللحظة الجمالية من غموض، على مستوى التحديد والتعريف والتوطين، فإن القارئ بكل أنواعه يعيش هذه اللحظة، وهو يتذوق، بأكثر من حاسة، لذة النص. إنها لذة لا يعرف هو نفسه ماهيتها ولا مصدرها، وإنما يدرك منها، تداعياتها وامتداداتها و"رعشاتها".. ولعل إحداث الأثر الجمالي، وخلق اللحظة الجمالية، لدى متلقي العمل، يرتبط بشكل أو بآخر، بمستويين من الانتقاء: انتقاء العناصر والمكونات السردية، وانتقاء طرائق "تسريد" هذه العناصر والمكونات. ذلك أن الجدة والأصالة والجمالية، ماهي إلا حاصل "تجديد مزدوج"، حيث لا يكفي تسريد وقائع بشكل جديد لتكون القصيدة أو النص بحللٍ جديدة، ينبغي أن نعتبر الشعر بلسما لنفوسنا المجروحة،
أو مهدئا أو مخدرا ، أو العكس، ليس الشعر هروبا أو حلما ،إذا كنا نسعى إلى الهروب والانتشاء، سنجد حولنا ملاذات كثيرة لكنها خادعة. الشعر يتطلب منا وعيا أكثر. الشعر يحفزنا ويحثنا على ألا نقف عند سطح الأشياء ومظاهرها لأن الحقيقة المثلى توجد ما وراء ذلك.
بلاشك أن للمرأة الشرقية دور فاعل وكبير للنهوض بالأدب العربي الحديث ، للمرأة دور مهم كونها أخذت بعاتقها التحدي بهذا المجال ، وقفة مع الشاعرة العراقية (وفاء السعد) هذه المرأة التي تبحث عن التجديد والتجديد الحديث حصراً ، فهي تمتلك الحرفنة الفعلية التي تجعل منها متمكنة ، نجد في نصوصها البلاغة الكبيرة والرمزية في نصوصها ، الرمزية العميقة التي تجعل من القارئ يبحث بين الحروف لعله يجد المنفذ الذي يمكنه بإختراقها ،الدليل موجود على تطرقت إليه بكلامي وصحة ما أقوله في نص(غوايةُ قاع)
*****
إسربْ بليلٍ ..مُستعيرَ الذلولِ ...
فما بقى ..في مرايا الوجهِ ..ثُلمَةَ كَسرٍ ..
تُرممُ سرايا قبابٍ هاوية ...
يالبؤس الظنون تأكلُ يقينَ الزرقاءِ شَكيمَةً ...
عارُ بنعتِ حدَّتِها ..عميٌ ...
مالي واختيار هواجس جدرانٍ شاحبة ...!؟
أَتُراني لا أَفقهُ الألوانَ ..!!!
وأحمرُ شفاهي ينتفضُ دَماً ..
رذاذ .. جهل الساسةِ في رقعةِ الشطرنجِ ...
يااااا لجنون الاعترافات الخابية ...
كَسُكارى حاناتٍ ..
راقصوا جبيراتِ جنودٍ ..خيبَّتهُمْ أَوطانَهُم ...
إستَدلِلْ ضواحي المجدلياتِ ..التماس غفران ..
علَّ السماء تهبُكَ درهماً من جيبِ يوسفِها .. عِضَةً ...
كيلا ترتابُ عَوداً بكيلِ بعير ...
الأفقُ لايُجيزُ غوايةَ القاعِ لقبلة البدرِ ...
مُعسِرَةٌ عظمَةَ اللِّسانِ في القُبَلِ ...
الحبُ .. اللا يَشتري القلوب قُدساً..
تبيعُهُ الانفاسُ ..زفراتٌ نافثة .
*****
استعارت التشبيه العميق من حيث اللغة الرصينة والرمزية التي وظفت بها الحرف ليظهر بهذه الصورة الكاملة ، من هذا المنظور، أظن أن الشعر قادر على إنقاذ حياتنا بوضعه حدا للغريزة العمياء والبائسة لهروب ناتج عن الانفصال والاغتراب، وعن إخفاقنا في خلق انسجام بين حاجات الجسد والفكر. وبسعي الشعر دوما إلى مقاربة الحقيقة، يمنحنا مفتاحا به نكتشف في الإنسان بعد السمو الذي عرفه القدماء، وهو السمو الذي ما فتئت تحط من قيمته حياتنا المعاصرة، أذن الشاعرة (وفاء السعد) جعلت من نصها متين غير قابل للتفكيك السهل ، السبب الحقيقي منها هو ظهور النص بأدقِ صورة وأجملها ، النص قد يكون صعب التفكيك والتأويل ، قد يكون هناك نص ما يتبعه ، وقد يكون لا نهاية له بسبب الأسلوب الذي اتبعته ، خلاصة للكلام وعلى ما أظن قد تكون متفردة بهذا الأسلوب ..
الوجودية أو الثبوتية ماهي الإ عامل أساسي في نتاجنا الادبي ،لذا أقول إن وجود مركز داخلي يقترن في أضعف إنسان هو ما أشار إليه هوميروس عندما عرف أوميوس بوصفه "إلهيا".ِ اٍنه الوجود الذي نغدو فيه نحن أيضا، "إلهيين" في دواخلنا. والاتصال بهذه الصفة الإلهية هو ما نحتاجه تحديدا.، ذلك أن الشعر يتوقف على الزمن المسترسل حيث يتخلق باستمرار، ويخلق اختلافاته الافتراضية ، قد يدعم الوعي الشعري بنبضات حية ، تبعث الشاعر على استيعاب الشعر، واستيعاب حركته الدائبة ، فكما يحفز الخيال الذات على التفكير في ذاتها، والبحث عن كينونتها وكينونة وعيها، وآفاقها الإبداعية الرحبة، يحفز على التفكير الشعري في الشعر وبالشعر، واستكناه حركته ،
أو إلى حركيتها المتساوقة مع حركية الزمن، فهي بينما تتوق إلى منحى كتابة مطلقة تشد المتكثر إلى فرادتها، وتتعالى عن الصيرورة الزمنية التاريخية، تنحو حتما منحى كتابة نسبية دائمة التخلق، تعتبر ما تبدعه مجرد وعد بما لم تبدعه، أو بما لم يوجد بعد.
هذه المقالة ومقالات أخرى سرقها اللص عامر الساعدي من على صفحتي وابدل اسماء الشعراء
ردحذفلذلك اقتضى التنويه ..
علاء . ح