أعدتني إلى الوراء إلى زمنٍ توقفت فيه عقارب السّاعة وبقيت صورٌ في ذاكرتي لا تبرح خيالي عن آخر لقاءٍ جمعنا هو زمن بعيد فرّقنا إلّا أنّ روحي ظلّت متشابكة مع روحك كما تشابكت أصابعنا في ذلك اليوم ونحن نعبر الأزقّة ... لا تبرّر انقطاعك عنّي بتهيؤاتك الواهية فالغيرة أعمت إدراكك حتّى تملّكك الشّكّ ولنيران الشّكّ دخانٌ ما زالت أياديه تلفّ عنقي ،فسيلة النخلة أنا من اعتنيت بها جارنا استشهد بعد يومين من ذهابه إلى ساحة القتال بكيته ورويت الفسيلة بدموعي ،وبكيت لامبالاتك فرويت كل أشجار الحديقة. تريدني محطّة تأوي تشرّدك أتراني سأكون لك المحطّة الأخيرة؟ ألم يشدّك الحنين إلى تلك الأرض الطّيّبة التي غرست فيها طفولتك وشبابك ثمّ في ليلةٍ ظلماء انتزعتَ جذورك وتنكّرتَ لتربةٍ جعلتك يوماً متماسكاً صلباً ، وطنك منحك هويّة وكياناً فضننت عليه بالتفاتةٍ واحدة إلى الوراء... الأرضُ كالأم تحضن وليدها ولكنّها بعد فطامه تنتظر منه نظرة عطفٍ وانحناءة،الأرض اغتربت بغربتك وكلّ ذلك من أجل أمّ تمنّتني امرأةً لابنها الماضي بقدميه نحو التّهلكة ... الكلّ لمح في عينيها تلك الأمنية ، والكلّ تمنّى لو تتحقّق أمنيتها ، أتدري لماذا؟ لأنّ ذلك يمدّهم بالأمل وبأنّ هناك استمرار وحياة لمن يسير نحو المجهول. أجد في كلماتك صدقاً لعاطفة جيّاشة أين سأهرب من جموحها وأنا لا زلت أحبّك ،حبّك نما في قلبي ونافس النّخلة في نموّها حتى لامس خدّ السّماء . مضت سنون وأنا في انتظارك ، لم تسألني إلا عن ذلك الجار وعمّا إذا كنت لا أزال أفكّر به ، لماذا اخترت السّفر إلى جهةٍ مجهولة حتى أنّك لم تترك عنواناً ، اخترت الرّحيل منهزماً وكأنّ جاري أصبح بين ليلة وضحاها زوجي ؟ كم أخطأت إذ اخترت البعاد خنجراً مسموماً طعنت به أجمل قصّة حب .
أبحث عن موضوع
الأحد، 11 ديسمبر 2016
المحطّة الأخيرة( قصة قصيرة ) ....................... بقلم : سامية خليفة / لبنان
أعدتني إلى الوراء إلى زمنٍ توقفت فيه عقارب السّاعة وبقيت صورٌ في ذاكرتي لا تبرح خيالي عن آخر لقاءٍ جمعنا هو زمن بعيد فرّقنا إلّا أنّ روحي ظلّت متشابكة مع روحك كما تشابكت أصابعنا في ذلك اليوم ونحن نعبر الأزقّة ... لا تبرّر انقطاعك عنّي بتهيؤاتك الواهية فالغيرة أعمت إدراكك حتّى تملّكك الشّكّ ولنيران الشّكّ دخانٌ ما زالت أياديه تلفّ عنقي ،فسيلة النخلة أنا من اعتنيت بها جارنا استشهد بعد يومين من ذهابه إلى ساحة القتال بكيته ورويت الفسيلة بدموعي ،وبكيت لامبالاتك فرويت كل أشجار الحديقة. تريدني محطّة تأوي تشرّدك أتراني سأكون لك المحطّة الأخيرة؟ ألم يشدّك الحنين إلى تلك الأرض الطّيّبة التي غرست فيها طفولتك وشبابك ثمّ في ليلةٍ ظلماء انتزعتَ جذورك وتنكّرتَ لتربةٍ جعلتك يوماً متماسكاً صلباً ، وطنك منحك هويّة وكياناً فضننت عليه بالتفاتةٍ واحدة إلى الوراء... الأرضُ كالأم تحضن وليدها ولكنّها بعد فطامه تنتظر منه نظرة عطفٍ وانحناءة،الأرض اغتربت بغربتك وكلّ ذلك من أجل أمّ تمنّتني امرأةً لابنها الماضي بقدميه نحو التّهلكة ... الكلّ لمح في عينيها تلك الأمنية ، والكلّ تمنّى لو تتحقّق أمنيتها ، أتدري لماذا؟ لأنّ ذلك يمدّهم بالأمل وبأنّ هناك استمرار وحياة لمن يسير نحو المجهول. أجد في كلماتك صدقاً لعاطفة جيّاشة أين سأهرب من جموحها وأنا لا زلت أحبّك ،حبّك نما في قلبي ونافس النّخلة في نموّها حتى لامس خدّ السّماء . مضت سنون وأنا في انتظارك ، لم تسألني إلا عن ذلك الجار وعمّا إذا كنت لا أزال أفكّر به ، لماذا اخترت السّفر إلى جهةٍ مجهولة حتى أنّك لم تترك عنواناً ، اخترت الرّحيل منهزماً وكأنّ جاري أصبح بين ليلة وضحاها زوجي ؟ كم أخطأت إذ اخترت البعاد خنجراً مسموماً طعنت به أجمل قصّة حب .
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق